أزمة الكهرباء من دون حلّ.. والعتمة على الأبواب

كتبت إيناس شري في “الشرق الأوسط”:

كان لبنان على موعد مفترض مع «العتمة الشاملة» في نهاية آذار الماضي كما حذّر وزير الطاقة ريمون غجر الذي قال إن إمدادات الكهرباء سوف تتوقف في حال عدم تأمين الاعتمادات المالية اللازمة لاستيراد الفيول، الأمر الذي دفع البرلمان اللبناني في الشهر نفسه إلى إقرار قانون معجل يقضي بمنح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 200 مليون دولار، وبمجرد أن أقرت السلفة حتى بدأت ساعات تغذية الكهرباء تتحسن بشكل تدريجي علماً بأن دولاراً واحداً من هذه السلفة لم يصل حتى اللحظة إلى مؤسسة كهرباء لبنان، ما يثير علامة استفهام كبرى حول جدية التهديد.

وكان البرلمان قد أقر السلفة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان بعد أزمة تغذية في الكهرباء استمرت أكثر من 7 أسابيع تجاوز خلالها التقنين 18 ساعة يومياً حتى في العاصمة بيروت.
وشكّل هذا المبلغ (200 مليون) 20 في المائة فقط من السلفة التي كانت مطروحة في اقتراح القانون المقدّم من نوّاب «التيار الوطني الحر» والمحددة بمليار دولار والذي أقرّ مع معارضة حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي».

ويرى عضو مجلس القيادة في «الاشتراكي» والمتابع لملف الكهرباء محمد بصبوص أن مؤسسة الكهرباء تنفق مما تبقى من السلفة الماضية والبالغة قيمتها 397 مليار ليرة، وبالتالي فإن هذا يؤكد أن التقنين القاسي الذي شهده لبنان لا سيما خلال الأشهر الأولى من السنة وتخفيف الإنتاج كان مفتعلاً ولم يكن إلا عملية ضغط على الناس وابتزاز لمجلس النواب ليقر السلفة، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن خير دليل على ذلك عدم استخدام أي مبلغ من السلفة حتى اللحظة وعودة الأمور إلى ما عليه من ناحية إنتاج الكهرباء.

وفي الإطار نفسه يوضح رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النيابية النائب نزيه نجم أن الكهرباء عادت إلى سابق عهدها خلال الشهر الماضي لأنه تمت الاستعانة بباخرتين وثالثة من خلال عقد لبنان مع الكويت، وتم الدفع للبواخر من اعتمادات العام الماضي، وهناك باخرة أخرى حالياً يتم تأمين الاعتمادات لها مما تبقى من اعتمادات العام الماضي (10 ملايين دولار) مع إضافة مبلغ من مؤسسة كهرباء لبنان (3 ملايين)، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن هذه الباخرة وفي حال تأمين المبلغ اللازم لفتح الاعتمادات لها تكفي لمدة أسبوعين ليس أكثر. ويشير نجم إلى أن لجنة الأشغال النيابية ستجتمع الأسبوع المقبل لمناقشة عدد من الموضوعات بينها موضوع سلفة الكهرباء بعد التطورات الأخيرة التي طرأت ومنها تقديم «القوات» مراجعة طعن بقانون السلفة.

وكان نواب كتلة حزب «القوات» قد تقدَّموا منذ أيام بمراجعة طعن بقانون منح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة أمام المجلس الدستوري انطلاقاً من أن السلفة ستموَّل من ودائع اللبنانيين في المصارف ما يخالف مقدمة الدستور لا سيما المادة التي تضمن الملكية الفردية وتحميها.

ولم يستبعد نجم أن تعود أزمة الكهرباء مجدداً إلى لبنان بعد أسابيع قليلة لأن موضوع السلفة قد لا يمر بسهولة لا سيما أن مصرف لبنان لا يستطيع دعم هذه السلفة إلا من خلال الاحتياطي الإلزامي، هذا فضلاً عن إمكانية وقف تنفيذ القانون في حال قرر المجلس الدستوري ذلك إلى حين البت بالطعن.

ولا يعني تقديم مراجعة الطعن توقف تنفيذ القانون حسب ما يشير الخبير القانوني بول مرقص شارحاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه ما دام لم يصدر المجلس الدستوري قراراً بوقف التنفيذ يبقى القانون ساري المفعول لحين إبطاله.

ويوضح مرقص أن المجلس الدستوري ينطلق في قراره من مدى مطابقة القانـون أو مخالفته كلياً أو جزئياً للدستور، فإذا قرر المجلس الدستوري أن النص موضوع المراجعة مشوب كلياً أو جزئياً بعيب عدم الدستورية فإنه يقضي بإبطاله كلياً أو جزئياً بقرار معلل يرسـم حدود البطلان.

وهذه هي المرة الأولى التي يقدَّم بها طعن بموضوع سلف الكهرباء رغم أنها لم تكن يوماً قانونيّة بحسب ما يرى مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن السلفة بالمعنى القانوني هي إمدادات من موجودات الخزينة لتمويل صناديق المؤسسات، ولكن الخزينة ليس لديها موجودات أصلاً، كما أن مفهوم السلفة يشترط أن تكون وزارة المالية متأكدة من قدرة المؤسسة على سدادها، والكل يعرف أن شركة كهرباء لبنان غير قادرة على ذلك.