كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
بتفاؤل يشوبه الحذر، تنتظر مدينة البترون الشمالية موسماً سياحياً تتمنّى أن يكون مزدهراً بالسياح لا سيما اللبنانيين المغتربين، بعد سنتين من أسوأ المواسم والسنوات على الصعيد السياحي على الإطلاق؛ حيث كانت نسبة الحركة “صفر” بحسب ما أكد أصحاب المطاعم والمنتجعات السياحية في المنطقة.
وتعدّ مدينة البترون من أهم المدن السياحية ومناطق الإصطياف في الشمال وربما على مستوى لبنان؛ وهي تضاهي مدينة جبيل بالأهمية السياحية. لكنّ الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد؛ والارتفاع غير المسبوق في الأسعار نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وأحداث 17 تشرين 2019، كلها عوامل أدّت إلى تراجع كبير في حجم الإشغال وغاب النزلاء في هذه المنتجعات والفنادق، فتأثّرت السياحة بشكل كبير في البترون التي تعتمد على الموسم السياحي بشكل واسع.
يقول طوني فرنجية وهو صاحب منتجع “صواري – البترون” لـ”نداء الوطن”: “إن المؤسسات السياحية في البترون تسعى إلى الإستمرار على قيد الحيـــاة وعــدم التعرّض للإقفال، لكنّ الإستمرار في ظل معطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية كهذه ليس سهلاً. وإذا ما أضفنا إلى تلك المعطيات موضوع الإرتفاع المستمر في سعر صرف الدولار، فلا شك سنجد أنفسنا أمام معضلة حقيقية لا يمكن الخروج منها بهذه السهولة”.
أضاف: “مهما رفعنا الأسعار في وجه الزبائن فإننا لن نعوّض الخسائر، مع العلم أن الناس غير قادرة على تحمّل الزيادات. لكننا كلنا أمل في أن يأتي اللبنانيون المغتربون فيُحدثوا بعض الفرق عبر fresh money، فأسعارنا أصبحت بالنسبة للمغتربين أفضل كونهم يملكون الدولار؛ لكنّ القدرة الشرائية لدى العائلات والشباب اللبناني تراجعت كثيراً، فأصبح اللبناني غير قادر على القيام بالكثير من الأمور وليس قادراً بالتالي على الإستجمام والتمتع بفصل الصيف”.
وأكد فرنجية “أن الأزمة دفعت بالمؤسسات السياحية البترونية إلى التقشّف وتخفيض أعداد الموظفين واعتماد العديد من الإجراءات حتى تبقى قادرة على الإستمرار إلى حين ان يتغير الوضعان السياسي والإقتصادي وتعود الأمور إلى طبيعتها؛ أو أقله يستقرّ سعر صرف الدولار عند حدود معينة فتعرف الناس على أي جنب ستنام”.
وشدد على القول “على هذا النحو لن نستطيع الإستمرار، لأنه حتى ولو أتى المغترب وإن شاء الله تسمح الأوضاع السياسية والأمنية بذلك؛ لكننا مهما حققنا من مداخيل إلا أن تصليح مكيف واحد أو تبديله أو تبديل غسالة مثلاً، يجعلك تدفع كل ما وفّرته طيلة الموسم. عندي غسالة سعرها 10 آلاف دولار، إذا تعطلت كيف أستبدلها؟ وهل أدفع كل ما وفّرته عليها؟ لذلك، إذا لم يحصل تثبيت لسعر صرف الدولار فالأمور لن تتحسن؛ خصوصاً أننا كأصحاب مؤسسات سياحية نشتري كل شيء على سعر الدولار في السوق السوداء وهذا ما يجعلنا أمام حالة من عدم الإستقرار لا ندري متى تنتهي”. وختم “البترون فيها كل المكونات التي تخوّلها أن تكون منطقة سياحية. إنها مدينة تضجّ بالحياة وكلنا أمل في أن تكون سنة جيدة يا رب، ولكن تبقى الحركة بلا بركة لأننا في وضع فوضوي على المستوى الإقتصادي ولم يعد بإمكان اللبناني بناء مستقبل له ولعائلته في هذا البلد”. ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أن الطبقة الوسطى في مدينة البترون والأشخاص من فئة الموظفين، أصبحت معاناتهم كبيرة جداً في هذه الأثناء. فالموظفون في أي مؤسسة رسمية أو أي فئة وظيفية، رواتبهم على الليرة اللبنانية بسعر صرف (1500 ليرة)، ولم يسجّل حتى الآن أي زيادات للأجور، فصار المعاش مهما زاد، لا يتعدّى 300 أو 400 دولار، في ظل غلاء فاحش، ما دفع العائلات التي لطالما اعتادت الإصطياف والتنزّه والتمتّع بالمواسم، الى الاكتفاء بتأمين الضروريات الحياتية من مأكل وملبس؛ وغداً يومٌ آخر.