التدقيق: “طبخة بحث” عن المستندات

جاء في “نداء الوطن”:

حكومياً، لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل واقفاً عند أعتاب قصر الإليزيه من دون أن يستحصل على إذن دخول، بينما بلغ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في رحلاته الخارجية عتبة الحاضرة الفاتيكانية حيث تبلّغ بالأمس أنّ البابا فرنسيس سيستقبله في 22 نيسان الجاري، على أن يشمل برنامج زيارته أيضاً عقد لقاء مع رئيس وزراء الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين.

وبين عقدة باسيل التي يأبى الفرنسيون الانسياق وراءها، وبين إصرار الحريري على رفض “تعويمه” على حساب أصول التشكيل الدستورية التي تحصر عملية الشراكة في التأليف بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية دون سواهما، يواصل البلد انجرافه باتجاه منزلقات خانقة اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، وسط استمرار المراوحة الموصوفة في ملف التدقيق الجنائي، عملية الدوران العقيم في حلقة الكباش “السياسي – الشعبوي” المحتدم على جبهة قصر بعبدا – عين التينة.

وفي هذا الإطار، علّقت مصادر مواكبة للملف على نتائج اجتماع الأمس بين ممثلين عن وزارة المالية ومصرف لبنان وشركة التدقيق الجنائي “ألفاريز أند مارسال”، بالإشارة إلى أنّ الأمور بدت أشبه بـ”طبخة بحص حول عملية البحث عن المستندات والأجوبة المطلوبة”، موضحةً أنّ الاجتماع خلص إلى “تقديم مزيد من الوعود بتزويد الشركة بالمستندات والمعلومات التي تطالب بها بعد إقرار قانون رفع السرية المصرفية”، على أن تكون مهلة الـ72 ساعة التي التزم المصرف المركزي بها لتسليم “قائمة محدثة بالمعلومات” إلى مفوض الحكومة بعد غد الجمعة المقبل، “محطة مفصلية باتجاه تحديد مسار الأمور، وما إذا كانت شركة “A&M” بصدد اتخاذ قرار بإعادة تفعيل عقدها مع الدولة اللبنانية، في حال لمست جدية في التعاطي مع مطالبها وتأكدت من المضي قدماً في اتباع آلية العمل المتفق عليها في سبيل تجميع المستندات المطلوبة وتسليمها إليها عند إعادة تفعيل العقد”.

وفي الغضون، إسترعت الانتباه أمس العريضة الموقعة من 100 شخصية لبنانية فاعلة في المجتمع المدني، والتي نشرتها صحيفة “لوموند” الفرنسية، بهدف حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تجميد الأصول المشبوهة للمسؤولين اللبنانيين في فرنسا، والدفع باتجاه تفكيك “المافيا السياسية والاقتصادية” الحاكمة في لبنان.

العريضة التي وقّعها أطباء ومحامون وصحافيون ونشطاء وأساتذة جامعيون وشخصيات بارزة من بينها وزير الثقافة اللبناني الأسبق ومبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة، جرى إعدادها إثر تصريح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأخير الذي أكد فيه أنه “آن الأوان” لزيادة الضغط الدولي على لبنان من أجل تشكيل حكومة، بحيث ناشدت العريضة في مضمونها الرئيس الفرنسي أن يبادر إلى إصدار تعليماته “من أجل تطبيق الآلية القانونية لتجميد الأصول المشكوك في مصدرها، والتي يملكها في فرنسا قادة سياسيون واقتصاديون لبنانيون”، مع التشديد على كون “المافيا السياسية والاقتصادية مسؤولة عن البؤس والجوع وانعدام الأمن الذي يعاني منه الكثير من اللبنانيين”.

وفي حين يرى محللون معنيون بالملف اللبناني أنّ فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين تشمل تجميد أصولهم المالية هي الوسيلة الأكثر فعالية لباريس من أجل الضغط على الطبقة السياسية في لبنان، ذكّرت العريضة بأنّ “مثل هذه العملية القانونية يجب أن تستند الى سابقة تجميد أصول غير شرعية في فرنسا لبعض القادة الأفارقة ولنائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد”، لافتةً إلى أنّ “الفساد المستشري على نطاق واسع قد ساهم بشكل فاضح في إثراء قادة سياسيين لبنانيين”، من خلال إفراغ الخزينة العامة والاستيلاء بطرق احتيالية على المساعدات التي أرسلت على امتداد عقود بعد انتهاء الحرب الأهلية إلى لبنان.