تحت عنوان ” أميركا تهدد بوقف المفاوضات وأسئلة حول التوقيت: انقسام سياسي حول مرسوم «تصحيح» الحدود البحرية”، ذكرت صحيفة “الاخبار” في مقال لميسم رزق انه قبل حزيران المقبل، يتوجّب على لبنان حسم أمر حدوده البحرية الجنوبية. الجيش يقترح تعديل المرسوم الذي يرسم حدود المنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة، بما يمنح لبنان مساحة إضافية لتلك «المتنازَع عليها»، يُعتقد أنها غنية بالغاز والنفط. ثمّة معترضون على الاقتراح الذي بات موجوداً في عهدة وزارة الدفاع. فما هو مصيره؟ وهل يتجاوز الانقسام حوله، قبل أن يبدأ العدو، بعد ثلاثة أشهر، التنقيب عن الغاز في منطقة يجزم الجيش اللبناني بأن لديه من الدراسات والحجج ما يثبت أنها ملك للبنان؟.
وفي السياق اشارت معلومات صحيفة “الأخبار” انه وبناءً على استشارة وزارة الخارجية، أصدرت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل رأياً أفتت فيه بأنه “ينبغي على مجلس الوزراء أن يجتمِع بهيئة تصريف أعمال وفقاً للمادة 64 من الدستور، ليقرّر توفر أو عدم توفر حالة الضرورة في المسألة الراهنة”.
ولفتت الصحيفة الى ان قيادة الجيش أعدّت كتاباً وأرسلته إلى وزارة الدفاع، ذكرت فيه الأسباب الموجبة لضرورة التعديل، وعدّدت هذه الأسباب بداية “بتوافر بيانات قانونية وتقنية أكثر دقة في الأعوام الماضية من خلال المسح الهيدوغرافي لخط الأساس في منطقة الناقورة الذي قامَ به الجيش اللبناني في حزيران 2018، من خلال صدور اجتهادات دولية ولا سيما من قبل محكمة العدل الدولية لقانون البحار.
وقد أظهرت هذه البيانات، أن خط الحدود البحرية الجنوبية للبنان الممتدّ من النقطة الـ 18 إلى النقطة الـ 23 (هو الخط الذي سبق أن اعتمده لبنان لحدوده البحرية الجنوبية) لا يستنِد إلى أي أساس تقني ولا يتطابق مع أحكام القانون الدولي العام”. وثانياً أن “خط الحدود السليم من الناحية القانونية والتقنية هو الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة ويعتمِد طريقة خط الوسط من دون احتساب أي تأثير للصخور المتاخمة لشاطئ فلسطين المحتلة ولا سيما صخرة تيخيلت”. وبما أن الخط الأخير يقع جنوب الخط الحالي ويضيف إلى مناطق لبنان البحرية مساحة تُقدّر بـ 1430 كيلومتراً مربعاً، ما يؤدي إلى تقوية موقف لبنان وتأمين موقع متقدم له في أي عملية وساطة أو تفاوض غير مباشر، وبما أن هذا الخط من شأنه أيضاً تحويل حقل «كاريش» والبلوك الـ 72 من مناطق إسرائيلية صرفة الى مناطق متنازع عليها، ما يُلزم العدو بموجب القانون الدولي بوقف جميع أعمال التنقيب، وبما أن المفاوضات من دون تعديل المرسوم ستُضعف الموقف اللبناني وتُجبر الوفد التفاوض على أساس الخط الذي ينتهي بالنقطة الـ 23، “نرجو توقيع مشروع المرسوم وإحالته إلى وزير الأشغال العامة ورئيس الحكومة للاطلاع عليه”.
وقد أرفقت قيادة الجيش هذا الكتاب الذي حصلت “الأخبار” على نسخة منه، باقتراح تعديل مؤلف من 4 مواد: “أولاً، تُعدّل الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمناطق البحرية اللبنانية، وفقَ لوائح إحداثيات النقاط الجغرافية المبيّنة ربطاً والموضَحة باللون الأحمر على الخريطة البحرية الدولية الصادرة عن الأدميرالية البريطانية رقم 183. ثانياً، يُمكن مراجعة الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمناطق البحرية اللبنانية وتعديل لوائحها وفقاً للحاجة. ثالثاً، يكلف وزير الخارجية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإبلاغ كافة الجهات المعنية، لا سيما منها الدوائر المختصة في الأمم المتحدة، ورابعاً يقتضي تعديل نص المرسوم تقسيم المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية للدولة اللبنانية إلى مناطق على شكل رقع، بما يتناسَب مع الإحداثيات المعدّلة في المرسوم”.
العامل الثاني الذي طرأ على هذا الملف، تابعت الصحيفة ، هو “التحذير والتنبيه اللذان وجّههما وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة إلى سفيرة اليونان في بيروت كاترين فونتولاكي خلال لقاء جمعهما نهاية الشهر الماضي، من أن تبدأ شركة “انرجين” اليونانية العمل في حقل “كاريش” الذي أصبَح ضمن المنطقة المتنازع عليها مع “إسرائيل”، وذلِك بعدَ أن طرح لبنان خطاً جديداً للتفاوض (خط النقطة الـ 29)”.
بينما تقول المعلومات، اضافت الصحيفة إن “الشركة اليونانية التي سبق أن منحها العدو امتياز التنقيب في حقل «كاريش»، وهرباً من المخاطِر الأمنية في هذه المنطقة الحدودية عادَت ولزّمت الأعمال إلى شركة فرنسية، وأن هذا التطورّ سيكون محطّ نقاش مع اليونان وربما فرنسا في المقبل من الأيام!”.
أمام هذه التطورات، باتَ السؤال مُلحاً عن الخطوة المقبلة التي ستتخذها الحكومة لوضع حدّ للتعدّي الإسرائيلي أو بدء الشركة المُلزّمة، أياً كانت، من مباشرة أعمالها. هل سيُصار إلى تعديل المرسوم أو يعود لبنان ويلتزم اتفاق الإطار الذي انطلقت المفاوضات على أساسه في تشرين الأول الماضي؟ أم ينسف الصراع بينَ الأطراف الداخلية المفاوضات من أساسها؟
الدائرة القانونية في الجيش أعدّت اقتراح المرسوم وهو موجود في وزارة الدفاع منذ نحو أسبوعين. وفي حال وجود اتفاق على إقرار المرسوم، يحتاج الى توقيع وزيري الاشغال ثم الدفاع قبل ان يوقعه الرئيسان عون ودياب.
الى ذلك اشار وزير الأشغال في حكومة تصريف الاعمال ميشال نجار للصحيفة إلى أن “قرار التعديل يحتاج إلى اجتماع الحكومة”. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الرئيسين عون ودياب يميلان إلى الموافقة على تعديل المرسوم. أما وزيرة الدفاع، فأحالت الملف على فريقها القانوني لدراسته، من دون اعلان موقف حاسم….