وجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوة الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الى قصر بعبدا “من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآليّة والمعايير الدستوريّة المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير.”
وفي كلمته الى اللبنانيين، أوضح الرئيس عون انه “في حال وجد رئيس الحكومة المكلف نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه ان يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف”.
وشدد الرئيس عون على انه لا فائدة من كلّ المناصب وتقاذف المسؤوليّات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفرّ له سوى الغضب، وعلى ان كل شيء يهون امام معاناة الشعب التي بلغت مستويات لا قدرة له على تحملها.
ولفت رئيس الجمهورية الى انه سلك درب المساءلة الوعرة في ظلّ نظام تجذّر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، “وارتفعت أمامي كلّ المتاريس، وأنتم تعرفون أنّي ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم.”
وفي ما يلي نص الكلمة:
“ايتها اللبنانيات ،أيها اللبنانيون،
كلّ شيء يهون أمام معاناتكم، التي بلغت مستويات لا قدرة لشعب على تحمّلها. فالوباء يتربّص والفقر والعوز والبطالة والهجرة، والقهر وزوال القدرة الشرائيّة نتيجة الارتفاع الجنوني للدولار الأميركي مقابل الليرة. كذلك انقطاع المواد الحيويّة وانحسار الدعم الذي كان متوافراً لها والتخبّط الذي تعيشه مختلف السلطات الدستوريّة والإدارات والمؤسسات المعنيّة بتأمين مستلزمات العيش، فيما لم نخرج بعد من فاجعة انفجار مرفأ بيروت وتداعياتها الكارثيّة. صدمة وراء صدمة، وكلّ يوم يحمل معه أثقاله وهمومه، فيتفاقم القلق بفعل العجز عن أبسط أساليب الحياة الكريمة.
آثرت الصمت إفساحاً في المجال أمام المعالجات على مختلف المستويات، وتفادياً لأيّ حدث من جرّاء التجاذبات والانقسامات الحادّة في المواقف السياسيّة وانهيار المنظومة الاقتصاديّة والماليّة نتيجة سياسات خاطئة لعقود خلت. إلا أنّي سلكت درب المساءلة الوعرة في ظلّ نظام تجذّر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامي كلّ المتاريس، وأنتم تعرفون أنّي ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم.
أمّا اليوم، ومن منطلق قسمي، وبعدما تقدّم رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بعناوين مسوّدة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، فإني أدعوه إلى قصر بعبدا، من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآليّة والمعايير الدستوريّة المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير.
أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه ان يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف.
كلّ ذلك من منطلق مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني، ذلك أنّ مثل هذه المعاناة الشعبيّة لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال.
دعوة مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف الى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان.
لا فائدة من كلّ المناصب وتقاذف المسؤوليّات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفرّ له سوى الغضب.
عشتم وعاش لبنان”.