جاء في “المركزية”:
لا يقتصر أثر كورونا الصحي على عوارض المرض في الفترة الحادة المعروفة ما ببن اليوم العاشر حتى الرابع عشر من الإصابة، فالأخطر قصور عضلة القلب، بعد التماثل للشفاء، والذي يتسبب بها كورونا ليس فقط للذين ظهرت عليهم العوارض بل أيضاً لمن لم يعانِ من أي عوارض.
الباحث في مجال كوفيد، طبيب القلب والشرايين طلال حمّود أوضح في حديث لـ “المركزية” أن “الاختلاطات لإلتهابات كورونا على المَديَين المتوسط والبعيد خطيرة وتجعل من مرضى القلب والشرايين وغيرهم ممن يعانون أمراضاً مزمنة أشخاصاً أكثرَ عُرضةً للإصابة بإلتهابات أكثر خطورة من الفيروس بذاته، كونهم أصلاً من المرضى الضعيفي المناعة عموماً وضعيفي المُقاومة نسبياً تجاه أي مضاعفات رئوية أو قلبية أو كلوية حادّة، وذلك لأن حالتهم تكون في الأساس غير مُستقرّة وقابلة للتدهور، فإذا ما حدثت إلتهابات فيروسية مع أضرار رئوية حادّة أو أية أضرار أخرى، فإنّ ذلك قد يؤدّي إلى خلل في التوازن الدقيق اصلاً والموجود عندهم بين وظيفة العضو وحالته المرضية.
وأضاف “هذه الإصابات قد تأتي على شكل إصابات قلبية او شريانية خطيرة مثل الذبحات القلبية (إحتشاء عضلة القلب) بكلّ اشكالها او بشكل إلتهابات خطيرة وحرجة جداً في عضلة القلب Acute Myocarditis قد تؤدّي الى ظهور قصور شديد في عمل عضلة القلب او الى حالة صدمة قلبية او الى إضطرابات خطيرة ومُميتة احياناً في ضربات القلب.. او اخيراً على شكل جلطات وريدية او رئوية حادّة وخطيرة وغيرها من العوارض القلبية والشريانية”.
وأشار حمّود الى ان “التقرير المُشترك لبعثة مُنظمّة الصحّة العالمية والسلطات الصينية يُظهر أن “الفترة المُتوسّطة الحادّة” التي تحصل فيها العوارض من تاريخ بِدئها حتى تاريخ الشفاء هي نحو أسبوعين في الحالات الخفيفة من إلتهابات كورونا.. وبين ثلاثة إلى ستة أسابيع في الحالات الحرجة والتي تتطلّب الدخول إلى المستشفيات وأقسام العناية المُركّزة. ويشير تقرير نشرته وزارة الصحة العامة في إقليم اونتاريو في كندا بتاريخ ١٠ تموز ٢٠٢٠ إلى شبه “إجماع علمي عالمي” على أن أي عوارض أو إختلاطات تظهر بعد مرور ستة أسابيع على الشفاء أو تستمرّ أكثر من ستة أسابيع من بداية ظهور العوارض تدخل ضُمن الإختلاطات والعوارض المُتوسّطة والطويلة الأمد التي نحن بصدد الكلام عنها”.
وتابع “أكّدت دراسة ألمانية أخرى أنّ ٥٠ في المئة من المرضى الذين تابعهم ذلك الفريق أُصيبوا بهذه العوارض وأنّ نصف المرضى المّتابعين في الدراسة بقيت عندهم مشاكل في حاستي الشم والذوق بعد مرور سبعة أسابيع على بداية ظهور العوارض.
كذلك، أظهرت بعض الدراسات التشريحية التي أُجريت على بعض الأشخاص الذين توفّوا نتيجة مرض كورونا وجود أضرار فادحة في الحويصلات الرئوية. ممّا أكّد اعتقاد الكثير من الخبراء أن إلتهابات كورونا قد تؤدّي إلى حصول “تليّف رئوي مزمن” رغم ندرة المعطيات والدراسات العلمية في هذا المجال. إلا أن الكثير من المُعطيات الأوّلية تؤكد ذلك. فقد أظهرت دراسة بواسطة التصوير المقطعي المحوري على ١٦٥ مريضاً أنّ ٢٢ في المئة من المرضى بقيت عندهم آثار الإلتهابات الرئوية بعد مرور ٣٠ يوماً أو أكثر على بداية العوارض. وتُشير دراسات أخرى قديمة كانت أجريت على الفيروسين المماثلين السابقين أنّ الأضرار الرئوية المُزمنة تتسبّب بحصول خلل في عمليات تبادُل ونقل الغازات عبر الحويصلات الرئوية، وهذا ما أظهره فحص إمتصاص أو إنتقال أول أوكسيد الكربون عبر هذه الحويصلات الذي يؤشر إلى وجود تليّف في جدار هذه الحويصلات وهذا ما يمنع عمليات إنتقال الغازات المذكورة”.
وفسّر حمّود ان “تقارير عدة أكّدت إمكانية حصول ذبحات قلبية حادة أو إلتهابات خطيرة جداً في عضلة القلب Myocarditis، مع إمكانية حصول إضّطرابات خطيرة في ضربات القلب أو حالات قصور حادّ في عمل القلب مع إمكانية حصول إحتقان رئوي أو حالة صدمة قلبية، جلطات في الأوردة مع إمكانية حصول جلطات رئوية خطيرة جداً حدثت وتحدث خصوصاً عند الشباب او عند الكبار أيضاً.
كلّ هذه الإصابات واردة في المراحل الحادّة التي تظهر في الأيام الأولى من الإصابة بإلتهابات فيروس كورونا. ولذلك قد تبقى بعض هذه الإصابات صامتة بعد فترة التعافي من المرحلة الحادّة وقد تظهر عوارضها بشكلٍ مُفاجئ في ما بعد مع مرور الوقت وحتى بعد مرور اسابيع واشهر على الشفاء وهو ما يُشكّل عامل الخطورة الأساسي لهذا الفيروس لأن بعض الخبراء يعتقدون حالياً انّ حالة الإلتهابات الحادّة التي نراها في جدار الشرايين قد تستمرّ مع الوقت وقد تلعب دور “قنابل موقوتة” لا يستطيع أحد التكهن متى وكيف ستخرج عوارضها للعلن وما هي العوامل التي تُحرّكها وتؤدّي إلى إعادة ظهورها وتسبّب إختلاطات قلبية وشريانية خطيرة قد تؤدّي الى الوفاة احياناً، وهذا ما تُؤكّده العديد من التقارير الصادرة حتى تاريخنا هذا.
واعتبر حمّود ان “المرضى الذين أُدخلوا إلى العناية الفائقة واحتاجوا إلى التنفُّس الإصطناعي يخرجون من المستشفيات مُتعبين جداً وعندهم حالات ضمور أو إلتهابات في العضل أو في الأعصاب. ويُصابون أحياناً كثيرة بنوبات من الهذيان والضياع والتوتّر الحادّ.
وبيّنت إحدى الدراسات أن ٧٠ في المئة من المرضى الذين دخلوا إلى العناية الفائقة عانوا من حالة ضياع وأن ٦٩ في المئة منهم كانوا في حالة توتّر شديد في ما بعد.
المصدر: mtv