على الرغم من “كورونا”… نشاط الغوص متواصل في لبنان

على الرغم من التداعيات الصحية والاقتصادية التي خلفها فيروس كورونا في لبنان، إلا أن نشاط الغوض لم يتأثر، اذ استمر عشاق هذه الهواية في اكتشاف أعماق البحار والمحيطات، جاعلين من هذا النشاط فرصة مواتية للترفيه عن النفس ونسيان مصاعب الحياة.

والمثال يقودنا إلى محمد السارجي، وهو ابن مدينة صيدا في جنوب لبنان، عشق البحر منذ الصغر بحكم موقع المدينة على شاطئ البحر المتوسط. وسافر إلى الولايات المتحدة يافعاً لدراسة الإخراج والتصوير في أحد المعاهد المتخصصة، لكن التصوير تحت الماء استهواه، فكان لا بد حينها من إتقان فن الغوص، مما جعله ينتسب إلى مدرسة للغوص لينال شهادتها ويعود إلى لبنان في عام 1995، ويساهم مع رفاق له في تأسيس “نقابة الغواصين المحترفين” في عام1997، ويصير نقيباً لها حتى يومنا هذا. وبعدها قرر تأسيس مدرسة لتعليم الغوص للهواة والمحترفين.

ويقول عن بدايته “الغطس بدأ كهواية لي مع التصوير السينمائي، وحبي للبحر دفعني للاستكشاف وتسليط الضوء على كثير من الغموض الذي يكتنف البيئة البحرية، وخاصة في القسم الجنوبي من شواطىئ لبنان”. وأضاف، “ووفقنا إلى استكشاف العديد من المواقع التاريخية والآثار الغارقة في مدينة صور الجنوبية تحت الماء منذ آلاف السنين وبعض السفن القديمة، وينابيع المياه العذبة والكبريتية تحت البحر”.

وعن تأثر نشاط الغوص بوباء كورونا يقول، “لم نتأثر كثيراً بجائحة كورونا فنحن نتحرك أصلاً بطريقة علمية مع أجهزة الغوص في الأعماق، ويخضع منتسبو مدرسة الغوص التي أديرها إلى فحص طبي دوري. واستمر عملنا في المدرسة لأن هواة الغطس كانوا بحاجة إلى متنفس من الوقت يقضونه خارج البيت ولو لمرة واحدة في نهاية الأسبوع، وساعدنا على ذلك طقس جيد نسبياً على الرغم من فصل الشتاء وبرودة المياه”.

وقال “بيئتنا البحرية تعاني من بعض التلوث بالقرب من الشاطئ بسبب بعض المعامل التي لا تلتزم بمعايير السلامة الصارمة فترمي المياه غير المعالجة في البحر. ولكن مكان التدريب والغوص بعيد نسبياً عن الشاطئ قرب جزيرة صيدا”.

وأضاف، “وأنشأنا في جمعية أصدقاء زيرة (جزيرة) وشاطئ صيدا، منطقة بحرية ملائمة للتطور البيئي للكائنات البحرية عبر حديقة نموذجية أسميناها، حديقة صيدون البحرية، بأعماق تتراوح بين 15 و20 متراً تحت الماء. وقساعدتنا قيادة الجيش اللبناني مشكورة بإعطائنا عدداً من الدبابات القديمة وطائرات الهيليوكبتر، وكذلك نقابة الطيارين في لبنان التي قامت بمدنا ببضع طائرات تدريب صغيرة قديمة أنزلناها جميعها إلى قاع البحر في عدة نقاط لتصبح ملاذاً آمنا لعائلات مهمة ونادرة من الأسماك والكائنات البحرية التي تحتمي فيها من التيارات البحرية، مما جعلها تصبح أكبر حديقة بحرية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط”.

وعن نوعية الأسماك التي تزور شاطئ لبنان الجنوبي وتجذبها البيئة البحرية الجديدة، يجيب السارجي، “فيها أسماك محلية ومنها اللقز الصخري (هامور) والسلطان ابراهيم، فالشاطئ في الأعماق صخري، وهناك أسماك أخرى مهاجرة من البحر الأحمر عبر قناة السويس، هذا بالإضافة إلى كائنات بحرية أخرى وأسماك نادرة، وفي طليعتها سلالات من السلاحف تزور الشاطئ الجنوبي لتضع بيضها وتفقس لتعود إلى البحر من جديد”.