توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بنداء إلى اللبنانيين، قال فيه: “يا شعب لبنان المعذب بكل طوائفه ومكوناته المحترمة، لا شك أن لبنان الشراكة والسلم الأهلي والوطن الواحد يعيش لحظة مفصلية من أكبر مخاطر وجوده، والسبب سياسي بامتياز، والأمر المؤكد أن تاريخ لبنان عاش ويعيش على الطبخة الإقليمية الدولية، وما نحن فيه جزء من لعبة العالم لحرق المنطقة، وفرز المحاور على أشده، والتحولات ستكون كبيرة، والتطبيع العلني مع تل أبيب هو شكل من أشكال الحرب القادمة، فما نعيشه الآن يأتي ضمن هذا السياق، أي حرب بأدوات مالية نقدية واجتماعية لهدم لبنان وإعادة تكوين وجهته السياسية”.
واعتبر أن “هدف المعركة سياسي، فيما الأدوات مالية ونقدية وكوارث اجتماعية، ولا يهم واشنطن وحلفاؤها وجمعيات الحقوق الإنسانية والأممية كم نحمل من جنائز، ومن ينتظر منهم الإنقاذ حاله كمن ينتظر الإنقاذ من تل أبيب، لأن الثابت الرئيسي في سياسية واشنطن تجاه لبنان تبدأ وتنتهي لمصلحة تل أبيب والتطبيع معها، ولبنان في هذا السياق ليس أكثر. لذلك فإن الموقف الأميركي للانقاذ بدأ ويبدأ بكارثة مالية واجتماعية وتنشيط لعبة الفقر والتجويع ورفع المتاريس النفسية ودفع الإعلام المرتزق لشن حرب طائفية مجنونة، لاستنزاف البلد وتغيير وظيفته السياسية، بما في ذلك تمرير ما يريده الأميركي من توطين للنازحين واللاجئين كجزء من لعبة تغيير هوية لبنان، وهذا بنفسه سيدفع نحو حرب أهلية ستكون مدمرة”.
وأكد قبلان “أن الأهم هو حماية مشروع الدولة والسلم الأهلي والعيش المشترك، وتحييد الجيش والقوى الأمنية عن الصراعات السياسية والتحركات الشعبية. فأرض لبنان خصبة جدا للفتنة الطائفية والحرب الأهلية، واللاعب الدولي له في الداخل اللبناني سماعون خبيثون، فحذار حذار أن يتحول البعض إلى شرارة حرب أهلية، وخاصة أن ظروف المنطقة وتحولاتها تزيد بشدة من حظوظ الحرب الأهلية والدفع نحو تخريب لبنان”.
وناشد شعب لبنان المعذب “أن يعي حقيقة أن الطبقة السياسية المالية التي نهبت البلد معروفة، ويجب محاسبتها، ولكن عبر تحركات وطنية ممسوكة من الداخل الوطني. فحذار من حرق لبنان بأيديكم لأن لبنان اذا احترق هذه المرة لن يبقى لا سمح الله”.
ووجه خطابه للطبقة السياسية فقال: “لبنان يلفظ أنفاسه الأخيرة، لبنان الماضي إنتهى، الكارثة المالية النقدية التي يمر بها لبنان تكاد تبتلع وجودنا كدولة ومشروع شراكة وسلم أهلي ووطني، لذلك عليكم أن تتحملوا المسؤولية، ولا شك أن المسؤول عن ذلك من نهب البلد، وليس كل القوى السياسية الوطنية. ومسؤولية الشعب والحركات الشعبية هنا إذا كانت تريد بلد شراكة ووطنا جامعا التفريق بين من نهب واستبد وبين من اعترض ودافع بشراسة كي يبقى الوطن”.
ولفت قبلان إلى “أن الخارج لا يهمه كم عدد الفقراء والأموات، بل كيف يقلب البلد ويحوله وطنا للنازحين واللاجئين وملعبا للتطبيع وقلب المعادلات. لذلك أقول لأهلنا وناسنا: لعبة الشوارع خطيرة، والخطاب السياسي المتهور أكثر خطورة، وعدم الإمساك الداخلي للشارع لن يدفع البلد نحو متصرفية أو قائمقامية أو فدرالية أبدا بل سيدفعه إلى كارثة أين منها بوسطة عين الرمانة، لأن الحرب الأهلية إذا وقعت لا سمح الله هذه المرة ستكون حرب مصير، يرتبط بحرائق المنطقة وهذا مكمن الكارثة لأي حرب تقع خاصة أن الزيت والنار موجودان، وهناك من ينفخ ببوق الفتنة ويدفع نحو مشهد سيكون المنتصر فيه منكسرا”.
وختم: “إياكم وتضييع هذا الوطن لأنه إذا ضاع سيتحول شعب لبنان لاجئا عند ذئاب الأمم”.