بو عاصي : الحزب والتيار مسؤولان عن انهيار المنظومة المالية

أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب بيار بو عاصي، ان ما يحصل منذ انفجار الرابع من آب حتى اليوم تخبط بين الرئاستين الاولى والثالثة ما لم ينتج حكومة، في وقت لبنان يتراجع يوميا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، لافتا الى ان هذه المسؤولية يتحملها دستوريا رئيسا الجمهورية والحكومة المكلف، فهما لم ينجحا بالتأليف ما ينعكس بشكل كارثي على الناس.

وفي مقابلة عبر “لبنان الحر” أشار، الى انه يقارب موضوع الحكومة من الجانب السياسي ووفق العناصر السياسية، وهذه العناصر ما زالت نفسها من قبل انفجار المرفأ حتى الآن ومعركة الإصلاح لم ينتج عنها اصلاح والطبقة الحاكمة غير مهتمة بالوضع.

كما شدد على ان لبنان ربط نفسه بواسطة “حزب الله” بالمنظومة الاقليمية الكبرى وتحديداً بقيادة المحور الايراني او محور الممانعة، مضيفا: “حقيقة العرقلة تعود لمزيج من العناصر، هناك المقاربة المحاصصتية والتراجع امام قوى الامر الواقع التي تخلق ضغطا كبيرا على القوى السياسية، كما هناك محاولة واضحة للاستئثار بالثلث المعطل، والخوف من وزارة العدل وما قد ينتج عنها في حال وجد وزير عدل يسعى لكشف ملفات الفساد، اضافة الى عقدة وزارة الداخلية في هذه الحكومة التي ستدير الانتخابات المقبلة ان في حال حصولها بشكل مبكر او بانعقادها في موعدها”.

تشكيل الحكومة ليس مسابقة رفع أثقال وكباش

بو عاصي لفت الى ان وجود طبقة سياسية فاشلة لا يعني ان المجتمع فاشل، واردف: “المجتمع المتطور يسعى الى الديمقراطية وتطوير الحياة اليومية وتحسين آليات مؤسسساته. لكن للأسف لدينا مجموعة متحكمة بمفاصل البلد تؤدي به الى التراجع والانهيار، ليست مسؤولية الشعب بل مسؤولية من يتحكم بالقرار”.

بو عاصي الذي اعتبر انه اذا كان “حزب الله” يعمل على تشكيل الحكومة فقد تأخر فعلا، رأس أن العكس صحيح إذ إن الحزب منكفئ عن الملف الحكومي بعدما نال ضمانة حصوله على ما يريد من حقائب وتسمية وزراء الشيعة، وهو لا يريد الدخول في سجال مع الرئيس عون الذي يؤمن له غطاء مسيحيا ثمينا جدا لسياساته وتموضعه المحلي والاقليمي والخارجي وبالتالي الانكفاء سببه الحفاظ على مصالحه التي تأتي على حساب مصالح البلد.

كما أوضح ان تموضعه وتمسكه بالحريري لا يؤديان الى شيء لأننا ما زلنا ننظر للأمور من زاوية مصلحة الحزب لا المصلحة الوطنية وهو يهتم لعلاقة مقبولة مع الرئيس المكلف شرط الا يعرقل له مصالحه ويؤمن له في الوقت نفسه الانفتاح العربي والدولي ويمنع عنه العزلة، وتحديدا من الزاوية السنية.

تابع، “ليست المرة الاولى التي تتشكل فيها حكومة في لبنان ولن تكون الاخيرة، ومنذ اتفاق الطائف هكذا تتشكل الحكومة بالشراكة الوطنية والدستورية والتي ونرى مدى نجاحها من نتيجتها المنعكسة على مصلحة المواطن وتسيير عمل المؤسسات الدستورية والشعب. الدستور ينوط تشكيل الحكومة بشخصين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف واذا نجحا بذلك ينجحان سويا والعكس صحيح، الا انهما حتى اللحظة فشلا ويتحملان ذلك سويا، لانهما اضاعا الهدف وهو تسيير مصالح الناس وتقوية مؤسسات الدولة والدفع الى المزيد من الاستقرار والازدهار”.

كذلك، رفض القول اننا امام ازمة دستورية تتطلب اعادة النظر بالنظام القائم، فهذه النقطة تدخل ضمن موازين القوى والكباش، اذ هناك من يستقوي بدعم الحزب له وآخر بأمور آخرى. وجزم بأن تشكيل الحكومة ليس مسابقة رفع اثقال وكباش بل عمل ايجابي لمصالح انتاج مؤسسة اساسية وضرورية ومحورية لادارة شؤون البلاد والعباد.

وتابع، “مع تطبيق كل دساتير العالم، اذا لم توجد النوايا الحسنة والحس الوطني العالي من غير الممكن الوصول الى نتيجة، فالدستور ليس قاعدة لفرض تطوير العمل السياسي بل لضبطه ضمن مجتمع معين. القاعدة السياسية الاهم هي قاعدة حسن النية والسعي للمصلحة الوطنية العليا اضافة الى الدستور ولعبة السلطة التي تعد اقل أهمية”.

أردف، “لا أقول انني أريد التخلي عن صلاحيات الرئيس، ولكن في كل دساتير العالم ان لم تستقم فلا جدوى منها، وتنتج طريقة ممارسة الحكم عن تاريخ وعن مصالح عليا. اذا اختزلت الحياة السياسية بلعبة السلطة فهذه كارثة، وهذا ما نمر به اليوم ونوهم الناس بأنها الدرجة الاسمى. لكن لا يحاول أحد اقناعنا بان هذا امر صائب وان من يصل إلى موقع القوة تصبح الدنيا من بعده بألف خير”.

“الحزب” و”التيار” مسؤولان عن انهيار المنظومة المالية

اوضح بو عاصي انه عند الحديث عن حصار سياسي واقتصادي للبنان لا نتحدث عن قراصنة في عرض البحر ينفذون كمائن بحرية لمنع دخول الدولارات، بل نتحدث عن حصار يعود لدخول لبنان بمنظومة ايران ما خلق له مشاكل عدة مع الدول العربية لا سيما دول الخليج، ولتعمد بعض الافرقاء وتحديدا جبران باسيل عندما كان وزيراً للخارجية، بتدمير العلاقة الخليجية – اللبنانية، التي عدا عن انها علاقة تاريخية وعاطفية، هي علاقة مصالح اقتصادية هائلة علماً ان معظم الأموال التي تأتي الى لبنان هي من دول الخليج العربي. واعتبر ان العلاقة السوية والسليمة مع دول الخليج مدخل اساسي وغير قابل تفاديه لعودة الحركة الاقتصادية الى لبنان وهو مدخل سياسي بامتياز.

كما جدد التأكيد ان المسؤول عن انهيار هذه المنظومة المالية بشكل أساسي هو “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” وعلى رأسه الوزير جبران باسيل، مضيفا: “ايديولوجياً أن ضدّ حزب الله، بسلاحه وتموضعه السياسي. انا لا أريد ان أكون أكثر من شريك في الوطن، وعندما يكون هناك حزب يختزل قرارات الدول، فمهما كان عددنا الشراكة لا تنفع. ليس مهماً ان كان الحزب داخل الحكومة او خارجها ولكن الأساس هو مدى قدرته على أخذ لبنان باتجاه ينعكس سلبا عليه. هنا اتوجه لجميع الافرقاء بالتأكيد ان ما من احد يمكنه انقاذ نفسه بنفسه فقط، لا بالقرض الحسن ولا بالامن الذاتي ولا بأي شيء آخر. هذا البلد ما زال واحدا واقتصاده مترابط ببعضه ومصالحه الداخلية والخارجية واحدة وبالتالي إما ان يعوم كله او يغرق كله”.

كذلك، رأى أن المجتمعات لديها قدرة على النهوض بشكل فظيع، ولكن قدرة “تحمل الضغط” لا تكفي، ويجب ان نرى مشروعاً لهذا المجتمع لأن قدرة التحمل اللامتناهية لا تؤدي وحدها إلى الشيء والاهم هو إرادة النهوض.

مطالبتنا بانتخابات مبكرة لإعادة الكلمة للناس

اشار بو عاصي الى ان تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية الذي تكرس في بعبدا لا يزال موجوداً، مؤكدا المطالبة به دائما لأن لبنان الأقل تأثيراً والأكثر تأثراً، من هنا يجب تحييده عن الصراعات الإقليمية والدولية.

بو عاصي لفت الى انه من الإيجابي ان تضع فرنسا لبنان على الطاولة الدولية ولكن لو اجتمعت كل الدول لمساعدة بلد لا يريد مساعدة نفسه فلا جدوى من كل مساعيهم، معتبرا ان التموضع الفرنسي حاز على الضوء الأخضر الأميركي من دون انخراط واضح لهذا الاخير، وبالتالي كان هناك نية للمساعدة ولكن عندما لم يلمسوا أي نتيجة إيجابية انكفؤوا لأن الفشل سيحتسب عليهم أيضاً.

تابع، “نحتاج الى الحد الدنى من الوعي لنعرف أن ترمب لم يترك لبايدن على الطاولة فقط الملف اللبناني، طالباً منه أن يبدأ به، ولا أقول أن الملف اللبناني ليس في حسابات أميركا ولكنه ليس من أولوياتها. عندما ندعو إلى حدّ النفوذ الإيراني في المنطقة فنحن أيضاً نتكلم عن حدّ الاذرع الإيرانية من اليمن الى لبنان وسوريا والعراق، مرورا بدول الخليج حيث هناك خلايا تابعة لايران. وتوسّع النفوذ لأي قوة في المنطقة لم يؤدِّ تاريخياً إلا إلى حروب ومشاكل ودمار ومعاناة، واذا استمر الاصرار الايراني على التوسع العسكري فلا نعرف ردة فعل ادارة بايدن علما ان الهم الاساسي له هو النووي”.

أردف، “كي نوجد يجب أن تشكل حكومة تتعاطى بجدية مع المجتمع الدوليّ، وهذا ما ينقصنا بالتحديد، ومن هنا يجب الذهاب إلى انتخابات مبكرة لأن لا حلّ بالتغيير مع هذه المجموعة ووصلنا معها الى شفير اليأس”، مشدد على ان القوات ليست من النوع المراقب للحدث، انما تواكب الحدث لاستنباط الحلول.

كما كرر اهمية المطالبة بهذه الانتخابات لإعادة الكلمة للناس كي يقرروا مدى رغبتهم بتغييرها، فبنتيجة تغيير هذه الطبقة يتغير الاداء وتستقيم الامور، معتبرا ان الخلل الذي حدث في 17 تشرين يحتم اعادة الكلمة للناس. واوضح ان اي سعي لأي انتخابات نيابية مبكرة من قبل اي طرف يعتمد مقاربة سياسية ضيقة تخدم مصلحته فقط سيفشل، لان الانتخابات تهدف الى اعادة اللحمة في المجتمع واعادة الثقة بالطبقة السياسية كي تضع تطلعاتها وتتخذ قرارات جريئة.

بو عاصي شدد على ان أهم ما في الانتخابات انه لا يمكن استنتاجها مسبقاً، مضيفا: “مجتمعنا راق وواع وفقد الثقة بغالبية الطبقة السياسية ومنه من يرغب بالترشح او التصويت، وكل هذا ايجابي لاعادة اطلاق ديناميكية سياسية في البلد، و”اذا منعدّ الناس لي ناموا ربحانين ووعيوا خسرانين حتى في الانتخابات الاخيرة ما فينا نعدّن”، فالمواطن يختار في اللحظة الاخيرة”.

كذلك اشار الى انه لا يوجد قانون انتخابي مثالي، او قانون “منيح” و”عاطل”، في المطلق، فالقانون الجيد يعكس تطلع شعب وتركيبته الثقافية والمجتمعية والسياسية اما السيء فيخرج بنتيجة لا تشبه الشعب، مذكرا اننا منذ الستينيات نحاول الوصول الى قانون حتى وصلنا الى الحالي الذي اعطى التمثيل الاقرب الى التمثيل الصحيح.

هذا واعتبر ان “القوات اللبنانية” قاتلت لوصوله، ولكنه لم يعط التمثيل الافضل لها ورغم هذا لم يدفعها للمطالبة بالغاء النتائج او رفضها لان قانون الانتخاب لا ينجز لتغيير الشعب بل يسمح للشعب بتغيير السلطة.

تابع، “هناك نظرية نشأت تحديداً بعد انفجار 4 آب بأن من لم يحدث خرقاً في مجلس النواب يجب ان يستقيل، وبالتالي هذه دعوة إلى كل معارضة أن تقف جانباً وتدع الأكثرية تشكل مجلس نواب. وهذا منطق لا يستقيم. لا اعرف الاستقالة بماذا ساهمت في ملف انفجار المرفأ. يجب تحمل المسؤولية حتى اللحظة الاخيرة في المجلس وخارجه وندعو الى انتخابات نيابية مبكرة، ونريد إعادة الكلمة للشعب ليقرر من يريد ان يعود الى السلطة”.

مستعدون للحوار مع كل من يتفق مع ثوابتنا وهدفنا

عن المبادرة الانقاذية التي تحدثت عنها القوات، كشف ان الاتصالات مستمرة لانه لا بدّ من مبادرة باتجاه ما، موضحا ان انشاءها يبدأ بالبحث عن مساحة مشتركة بين الجميع لتحصين الثوابت اللبنانية من خلال تعريف كل فريق عن نفسه وعن نظرته للامور لتظهر المساحة المشتركة تباعا.

كما جدد التأكيد ان ثوابت القوات معروفة وهي السيادة والاعتراف بتعددية المجتمع اللبناني وبناء الدولة التي تبدأ بمحاربة الفساد كمدخل اساسي، وهدفها واضح الوصول الى انتخابات نيابية مبكرة.

تابع، “العملية غير مقفلة أمامنا على شرط المحافظة على الثوابت الوطنية، ونحن من هنا مستعدون للحوار مع كل من هو غير قواتي، وهنا أريد أن ألفت إلى أن الإيجابية الأكبر في التعاون هي من غير المحازبين. لا اتحدث عن سلبية لدى الاحزاب ولكن هناك ناس في هذا البلد لديهم حسن النية والقلق ورفض انهيار البلد ويرغبون بالتجمع مع احترام خصوصياتهم”.

المتغاضي عن التهريب وضبط الحدود جبان او متواطئ

ردا على سؤال عن ضبط الحدود ومنع التهريب، قال بو عاصي: “للبنان أفضل التجهيزات في العالم ساهم فيها البريطانيون والاميركيون والكنديون تجهيزا وتدريبا مع تمويل مطلق، كما هناك 4 أفواج حدود اي أكثر من 3000 شخص، في وقت المنطقة السائبة، تحديدا بين القصر والهرمل، لا تكثر عن 28 كلم وتضم 8 معابر. بالتالي الجيش قادر ولديه النية ومدرب (متل النمورة) ومجهز بأفضل التجهيزات، ما يعني ان سبب هذا التفلت يعود لمن لا يعطي الامر للجيش اي الحكومة اللبنانية والسلطة التنفيذية تراجعا امام ضغط محور ايران – سوريا – حزب الله على حساب الشعب اللبناني”.

كما شدد على الا احد يتغاضى عن هذا النوع من التهريب، الا اذا كان جبانا او متواطئا ولكن لا يمكن الا يرى هذا التهريب.

المواطن يستفيد فقط من 30% من الدعم

بو عاصي تطرق الى ملف الدعم، مذكرا ان بعد الانهيار الاقتصادي وانفجار المرفأ، اتخذت السلطة التنفيذية القرار بدعم تثبيت سعر الصرف للمستوردين لاستيراد البضائع الاساسية لتفادي غلاء الاسعار، وكلفت هذه الخطوة 7.9 مليار دولار سنويا، علما ان الاسعار ارتفعت بشكل جنوني.

كذلك اعتبر ان ثلث الدعم استفاد منه التجار والثلث الاخر المهربون وبقي 30% فقط للمواطن، وبالتالي اكثر من 60% من الاموال ذهبت هدرا، ما كانت “القوات” حذرت منه سابقا لانه استنفذ ما تبقى من أموال في مصرف لبنان المهلك أصلا، والتي اتت من شهادات الايداع التي وضعتها المصارف في المصرف المركزي اي اموال الناس. واسف لأن قرار الدعم اللامسؤول والمجرم لم يقيم احد نتيجته ومدى فعاليته، وهو تمت الموفقة عليه من رئيسي الجمهورية والحكومة.

بو عاصي توقف عند اقتراح قانون لتنظيم هذه العملية وتحضير بديل للتراجع عنه مستوحى من برنامج دعم الاسر الاكثر فقرا التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، وقال: “هذا البرنامج لا يصلح ليطبق على 80% من الشعب اللبناني ولكن يمكن ان نستوحي من طريقة ادارته وتمويله وكيفية تطبيقه. لذا تواصلنا مع البنك الدولي والمراجع المعنية لمعرفة المعايير الصحيحة، بما ان هذا البرنامج حاز على ثقة المجتمع الدولي أجمع ما جعل البنك الدولي يرفع عدد المستفيدين من 10 الاف مستفيد الى 15 الف و50 الف من خلال هبات مطلقة. وحاليتا اتينا بقرض بقيمة 246 مليون دولار سيصوت عليه مجلس النواب ليؤمن هذه البطاقة لـ200 الف عائلة ولكن يبقى 800 الف عائلة من بينهم 600 الف عائلة مستحقة”.

وتابع بو عاصي، “بعد دراسة اجريناها توصلنا الى ان كلفة تغطية هذه العائلات يصل يتراوح بين 1.3 و1.6 مليار دولار وبالتالي اقل بكثير من قيمة الدعم، ويمكن ان تؤمن بقرض من الـ”IMF” وتؤمن البطاقة اموال “كاش” او تستخدم في “سوبرماركت” لتؤمن فرق رفع الدعم للمواطنين. ولكن هذه الخطوة مرحلية فقط الا انها تمنعنا المس بالاحتياطي الالزامي وهو آخر ما تبقى للشعب اللبناني”.