كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
بعد دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الرئيس ميشال عون إلى عقد اجتماع مصالحة مع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، لتشكيل حكومة، وإنهاء حالة الجمود السياسي في البلاد، تحدثت مصادر عدّة، عن وساطة ينتظر أن يقوم بها ثنائي “حركة أمل” و”حزب الله”، لعقد لقاء بين الطرفين عقب عودة الحريري من الخارج. فهل يفلحا في جمعهما، امّا من سابع المستحيل ان يهضما وجها بعضهما، الا بتدخل السموات والارض في اعجوبة يطلبها البطريرك في كل عظة أحد، لخلاص لبنان واللبنانيين من التعنتّ السلطوي!؟
هناك حالة مستعصية من انعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة على تأليف الحكومة إثر دخولها نفقاً من التعثر بعد تكليف الحريري في 22 تشرين الأول 2020، في حين أن خلافه ما زال محتدماً مع عون، حتى صار متأزماً بعد الفيديو المسرب واتهام الحريري “بالكذب”، ومن خلفه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وكانت سبقتها سجالات بالجملة والمفرق حول كيفية توزيع الحصص والحقائب الوزارية، الأمر الذي يدفع بحسب سياسيين بمساعي الاتفاق على صيغة حكومية موحدة، بعد اللقاء لـ ١٤ بين عون والحريري نحو الفشل على المدى المنظور.
هل هناك حلّ للخروج من عنق الزجاجة؟
طالما ليس هناك من تقارب خليجي – ايراني والامور متوترة بينهما سياسياً وعسكرياً، فيبدو ان اعتذار رئيس المكلف سعد الحريري بات وشيكاً، وكأنها تقترب من مضمونها السياسي والدولي، بدءاً من الاحتجاج على التدخل الإيراني المستمر، في شؤون دولة عربية من جهة، والخطابات العالية النبرة من جهة ثانية، ورفض الاخيرة سطوة حزب الله على الحياة السياسية اللبنانية.
ويُعدّ الحريري أحد أعمدة مواجهة إيران في الشرق الأوسط، لكن الأميركيين وحلفاءهم سمعوا منه (اي الحريري) التزاماً كاملاً بالتسوية السياسية في لبنان التي اوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ووضعت مرة جديدة حزب الله في الحكومة اللبنانية.
ولم يرَ الأميركيون وحلفاؤهم أن الحريري تمكّن من إبعاد عون عن حليفه حزب الله، فيما يتابع الاخير تكديس الانتصارات السياسية، واذا تمتّ إنتخابات نيابية ستكرّس له وللأحزاب المؤيدة له أكثرية برلمانية مجدداً، و”ستشرعن” سيطرته على الدولة اللبنانية اكثر وأكثر ومن خلفها النظام السوري وإيران. وبالتالي من قَبِل بالتسوية الرئاسية سابقاً، لن يكون عقله “مخرب” ويعيد الكرة والسبحة ذاتها، والحريري في جولاته المكوكية الى الخارج سيسمع هذا الكلام، في ظل غياب اي تسوية خارجية، او حتى توجه الى تقارب ايراني – عربي، وليونة اميركية تجاه ملفات المنطقة، كل تلك المعطيات لا تؤشر الى حلول تبنى على الشيء ومقتضاه.
وتشير الأجواء الخارجية ان هناك “ندماً” على ما خلفته التسوية الرئاسية السابقة، ما زاد من نفوذ ” حزب الله” وعلى ايدي حلفائه المسيحيين أي (عون – باسيل)، امّا داخلياً فهناك رفضٌ و”نقزة” من تسمية الحريري، اثر استقوائه اضافةً الى علاقاته الطيبة مع الغرب.
يبقى السؤال: كيف “سيُدَوزِن” الاخير بين تموضعه خارجياً، وبين هيمنة “حزب الله” على كل مفاصل الدولة؟ بموقعه كرئيس حكومة لبنان المُرتقبة، وهو لديه التجربة المريرة على ذلك الصعيد؟