كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
لا تزال فوضى عدم الإلتزام بالإقفال الذي بدأت مفاعليه منذ الخميس الفائت سارية المفعول في بعلبك وأرجاء المحافظة من دون حسيبٍ أو رقيب. فلا آحاد ومعها حظر تجول تمنع الناس عن ممارسة حياتها بشكل طبيعي، ولا مناشدات من أطبّاء ومسؤولين تنهيها عن النزول إلى الشوارع والإختلاط في ما بينها.
على خطى الأيام السابقة تمارس الناس حياتها، وتعجّ الشوارع بزحمة السيارات من دون أيّ ضوابط أمنية أو تنظيمية حُدّدت فيها أيام أرقام المفرد والمزدوج تمنعها من الولوج إلى الطرقات، ولا ضوابط أخلاقية أو صحّية تدفعها إلى الحفاظ على أرواحها وأرواح من تخالطها، وترحم الطواقم الطبّية والمستشفيات التي امتلأت أسرّتها وأصبحت عاجزة عن إستقبال مريض يعاني من زكام عادي. فأصحاب بعض المحال التجارية كما جرت العادة يواظبون على الحضور يومياً أمام محالهم لتأمين طلبات بعض الزبائن، فيما اعتمد البعض الآخر خدمة الأونلاين وتوصيل الطلبات (دليفري) ووضع أرقاماً هاتفية على الأبواب للتواصل. أما المواطنون الذين يقصدون السوق سيراً على الأقدام وينتشرون في الأحياء، فلا يزال جهل الخطر الذي يتربّص بهم والإستهتار وكأن “كورونا” مزحة سيّد تصرفاتهم، فالكثير منهم لا يرتدي الكمّامة وبعضهم يصافح البعض الى حدّ العناق، ويقيمون السهرات والمناسبات بشكل طبيعي.
وفي جولة على الأحياء والشوارع الداخلية للمدينة لا موانع على المحال حيث تفتح حتى ساعات متأخّرة من الليل بالرغم من قرار الإقفال عند الخامسة، فيما حظر التجوّل بعد السابعة مخروقٌ في بعلبك بإمتياز. وفي تغريدة له، أشار محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر الى أنه لا يستطيع تخصيص شرطي لمراقبة كل مواطن، ولا دخول المنازل للتأكّد من عدم إقامة مناسبات وهي مسألة وقت لنشبه السيناريو الإيطالي، وأكّد أنه فعل المستحيل واتّخذ كافة الإجراءات، ومن الناس من تعاون ومنهم سخر من الأمر، مشدّداً على ضرورة التعاون والإلتزام للحدّ من إنتشار الفيروس.
وفيما كان خرق الإقفال يسجل نسباً متفاوتة بين يوم وآخر، جاء الحديث عن الإقفال التامّ والشامل لمدّة أسبوع أو أكثر ليزيد من الطين بلّة، حيث بدأ المواطنون منذ صباح أمس بالتهافت على السوبرماركت والمحال التجارية التي تبيع المواد الغذائية والحبوب للتموين، حيث شهدت زحمة كبيرة إختلط فيها الحابل بالنابل، وساهمت في رفع أسعار بعض السلع فيما إختفى البعض الآخر عن الرفوف ومن الأسواق. إختفاء بعض السلع وإرتفاع أسعارها والذي يردّه صاحب أحد المحال التجارية إلى بائعي الجملة وأصحاب الشركات والتجار الذين يمتنعون عن تسليم المحال في بعلبك ما تحتاجه، وهي المنطقة التي يفوق عدد سكانها الـ 400 ألف نسمة وتحتاج أكثر من غيرها وفق قوله، سائلاً عن دور وزير الإقتصاد وزيارته لبعلبك وتأمين السلع المدعومة.
إلى ذلك، عادت أزمة فقدان المازوت إلى الواجهة مجدّداً والمنطقة على أبواب عاصفة ثلجية، حيث تبيع بعض المحطّات المادة بالقطّارة للناس، فيما تقفل الأخرى خراطيمها أمامهم بحجّة عدم وجود مازوت.
القدرة الشرائية للمواطنين لم تسعف البعض في تأمين كل ما يحتاجونه من مواد غذائية وخبز ومازوت، فسائق التاكسي علي بيان، وفي حديث لـ “نداء الوطن” أشار الى أنّ عمله تراجع أصلاً منذ بداية الإقفال و”الحالة لورا”، فليس بمقدورنا أن نؤمّن مونة أسبوع وأسبوعين “فأنا أعتمد على ما أجنيه من ورا الدركسيون، وأعود على أولادي بما يحتاجونه كلّ يومٍ بيومه، ولا أعلم إذا ما تّم تسكير البلاد نهائياً كيف أستطيع تأمين المازوت والخبز وغيره لهم”.
من جهته، رأى محمد مدلج وهو يشتري حاجاته من سوبرماركت في بلدة دورس أنّ الإقفال ضروري في ظلّ إرتفاع معدّل الإصابات، ولكن هذا الإقفال كان يجب أن يتمّ خلال فترة الأعياد ورأس السنة، فالبلد فتح لأصحاب المصالح الكبرى والمطاعم بمن فيهم من السياسيين الذين يمتلك جزء منهم حصصاً فيها، وترك الناس لمواجهة مصيرها لوحدها وفرض الإلتزام التام عليها من دون أي تقديمات أو مساعدات تساعدها على البقاء والصمود.