كتبت “المركزية”:
الثلاثاء 4 آب 2020. السادسة وسبع دقائق مساء. انفجار يهز لبنان ويحول بيروت في لحظات مدينة متشحة بالسواد والدمار المتأتي من اللامسؤولية والاهمال، تودع أبناءها القتلى وتضمد جراحها وجراح أكثر من 6000 شخص انفجر نيترات الأمونيوم المخزن في مرفأ بيروت في أجسادهم، من دون أن يكلف مسؤول نفسه عناء العمل على منع وقوع الجريمة.
غير أن لبنان المنكوب هذا وشعبه الحزين، فتح يديه بحرارة ليستقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي حضر شخصيا إلى بيروت بعد يومين على الكارثة، ليملأ الفراغ السياسي المرعب بوقفات التضامن وإشارات الأمل. لكن الأهم يكمن في أنه أطلق مبادرة سياسية عرفت في ما بعد باسم المبادرة الفرنسية، ليفتح الباب واسعا أمام تغيير سياسي طال إنتظاره انطلاقا من تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين تضع الاصلاحات المنتظرة على السكة، لينال لبنان المساعدات المادية الكفيلة بانتشاله من كبوته. هكذا، وبعد لقاء سياسي جامع ضمه إلى جميع أقطاب الصف الأول، ما خلا الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي ناب عته رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في السفارة الفرنسية، رسم ماكرون خريطة الطريق نحو حل الأزمة في لبنان. ففي موازاة المساعدات الانسانية التي سيمد بها المجتمع الدولي الشعب اللبناني حصرا، كان يفترض أن يعمل الساسة على تأليف حكومة اختصاصيين في مهلة 4 أسابيع تنتهي في 1 أيلول، ذكرى مئوية لبنان الكبير، وتاريخ عودة ماكرون إلى بيروت.
غير أن الرهان على وعود كلامية من المسؤولين اللبنانيين لم يكن في محله، حيث سارعت العوائق وتصفية الحسابات إلى زرع الألغام على طريق المبادرة الفرنسية، بدءا بتأخير موعد الاستشارات، وصولا إلى تسمية السفير مصطفى أديب بعد تدخل فرنسي مباشر، عشية عودة ماكرون إلى لبنان. لكن هذا لا يعني أن الوضع كان سهلا بالنسبة إلى الديبلوماسي المقيم في برلين والذي حظي ببركة قوية ولافتة من دار الفتوى، كما من رؤساء الحكومات السابقين. ذلك أن اصطدم سريعا بشروط الثنائي الشيعي، خصوصا في ما يتعلق بالاصرار على نيل وزارة المال لضمان “التوقيع الشيعي” إلى جانب رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني، فيما كان أديب يحاول السير طبقا للخطة الفرنسية الاصلاحية. وعندما باءت محاولته بالفشل، فضل الانسحاب من الصورة.
فما كان من الرئيس سعد الحريري، بعد كثير من التريث إلا أن بادر إلى طرح نفسه مرشحا طبيعيا للرئاسة الثالثة، ليكلف في 22 تشرين الأول الفائت. إلا أن الاجماع على شخصه لم يمنع الرئاسة الأولى كما حزب الله والتيار الوطني الحر من زرع ألغام الثلث المعطل، والشراكة والحقوق المسيحية في دربه، وهو ما لا يزال يعطل المسار الحكومي، بالرغم من التحذيرات الدولية ودخول بكركي بقوة على الخط… فهل يتغير المشهد قريبا؟ قد يكون عام 2021 حاملا الجواب…