‏هل وقع “الحزب” في الفخ … ؟؟؟

إذا ما اردنا ان نستشرف عنوانا للعام 2021، لبنانياً، على طريقة ميشال حايك، يمكننا المسارعة والقول انها ستكون سنة “قضائية” بإمتياز، بحسب ما توحي به نهاية ال 2020، بعدما نجح ضغط الثورة في ايقاظ العدل من نومته العميقة، وفتح باب الملفات على مصراعيه، على قاعدة “ما شفناهم عم يسرقوا شفناهم عم يتقاتلوا عالقسمة”.

صحيح ان جزءا اساسيا من الملفات يفتح على قاعدة “الاستنساب” وفقا لمزاجية الاطراف السياسية ورغبة الانتقام وتصفية الحسابات فيما بينها، كما هو حاصل بين الاشتراكي والوطني الحر، او بين حزب الله ومعارضيه “الذي ركب الموضة القضائية” بعدما باتت تهم العمالة الجاهزة “ما بطعميه خبز”. غير ان كل تلك القوى على ما يبدو لا تزال حتى الساعة غير مدركة لشخصية الرئيس صوان الصلبة ولدهائه القانوني، والذي قد يكون الاساس في اختيار توقيته في الادعاءات الاخيرة محاولاً النفاذ بين الغام الخلاف المنفجر بين بعبدا وعين التينة، مختاراً اسماء متهمين يصعب الدفاع عنهم، ممهداً الطريق لمرحلة ثانية ستكون بيت قصيده في بنك الشخصيات السابقة والحالية الموضوعة على لوائح الاستدعاء.
في اي حال، ورغم الاحباط المبرر الذي اصاب البعض، بناء على التجارب السابقة، في قضايا مماثلة، فان الاسبوع الماضي شهد تقدما في مسار كشف الحقيقة خلافا لكل الشائع، رغم قرار المحقق العدلي بتعليق التحقيق لعشرة ايام. وأبرز ما يؤشر الى ذلك:
الهجوم المضاد للنائب السابق سليمان فرنجية نيابة عن الطبقة “المتهمة”، بعد ان افتتح “الموسم” النائب علي حسن خليل، مصوباً باتجاه الاجهزة الامنية والعسكرية، في تحميلها المسؤولية عن انفجار المرفأ، ما يوسع مروحة الاستدعاءات ويفتح ابواباً بقت مغلقة لسنوات قد تذهب ابعد من حادثة الرابع من آب، “في ردة اجر” سياسية على ما يبدو، بعد ان كانت الاجهزة الامنية على اختلافها “طحشت” منذ اليوم الاول للحادثة في “حفلة غسل يد” محملة القضاء والادارة ومن خلفهما نتائج ما حصل، فهل الامر مرتبط فقط بمسالة استدعاء وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس؟ ام هي ابعد من ذلك؟ وتؤشر الى مرحلة قادمة قد تطال “جماعة البيك” في اكتر من مؤسسة، خصوصا في ظل ايحائه بان حارة حريك ليست بعيدة عن التخلي عنه في كل مرة.
في السياسة ايضاً، استحواذ مسالة التحقيقات على مساحة هامة من النقاش بين الرئيس المكلف وسيد بكركي، والاخير والرئيس عون، خصوصاً في ظل جو الشحن الطائفي الذي بدا يطل برأسه على خلفية الاصطفافات التي افرزتها استدعاءات القاضي فادي صوان. وتشير مصادر في هذا السياق الى ان هذا الملف يتقدم حالياً على ملف تشكيل الحكومة، بعدما ادخلت الخطوة القضائية الجميع في عنق زجاجة يمسك راسها الشارع.
ارتداد الهجمة التي نفذها “استيذ” عين التينة صوبه، بعدما لعب “بالبيضة والحجر” في مسالة “تحريض” الاتحاد العمالي العام على التصعيد، ليعود ويسحب ارنب “صفقة رفع الدعم”، في خطوة كسب وقت لم تدم الا لساعات، بعدما احبطت كرة ثلج الاستدعاءات “انجازه”. “فالنبيه” الذي اراد ان يؤجل انفجار الشارع على الخلفية الاجتماعية – المعيشية، وجد نفسه في مواجهة شارع “محقون” طائفيا، فاستنجد بهيئة المجلس لإيجاد المخرج.
يؤكد مصدر قضائي رفيع سلسلة مسلمات ابرزها: عدم صلاحية محكمة التمييز في النظر باستدعاء الخليل – زعيتر، اذ ان هذا الامر هو حصرا بيد الجهة التي عينت المحقق العدلي، اي مجلس القضاء الاعلى ووزيرة العدل، هذا في الشكل. اما في المضمون فان طلب المعنيين باطل كون المجلس النيابي لم يرفع الحصانة عنهما، وبالتالي لا يمكن اعتبارهما حتى الساعة متضررين.
دخول حزب الله بقوة على خط ملف التحقيق، في سلسلة شكاوى امام القضاء بحق سياسيين على خلفية اتهامه بالتفجير مباشرة او غير مباشرة، بداية النائب فارس سعيد والقوات اللبنانية، ومن بعدهما الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، الذي بحسب ما رشح من بعض المصادر انه سلم معطيات دقيقة للمحقق العدلي تتعلق بالأقوال التي ادلى بها لجهة اتهامه الحزب، هذا فضلا عن افادات ادلى بها بعض الشهود، معززة بأفلام مصورة لأليات تابعة لجمعية محسوبة على الحزب تواجدت في المكان، دون ان يؤكد هذه المعلومات اي جهاز امني، وهو امر طبيعي جدا في الحالة اللبنانية.
وهنا تطرح سلسلة مسائل، كيف لحزب غير مرخص تناقض عقيدته مبدا وجود الكيان والدولة في لبنان، التقدم بشكوى امام القضاء وهو لا يتمتع بشخصية قانونية؟ ما هي الاهداف الحقيقية التي يخفيها حزب المقاومة خلف خطوته تلك؟ هل استدرج الحزب فوقع في الفخ؟ وهل يقدم قاضي التحقيق على ضم كل تلك الدعاوى الى الملف الاساس، فيكون الحزب قد وقع في المحظور و”راح باجريه” الى حيث يشتهي كثيرون؟ الايام كفيلة بالإجابة، رغم ان المؤكد ليس بهدف تعزيز دور السلطة القضائية وقيام الدولة.
التغريدة اللافتة، للقاضية غادة عون التي دعت القضاة الى الانتفاض وعدم الرضوخ لإنقاذ ما تبقى، مدعية على مدير عام قوى الامن الداخلي. خطوة عون تقاطعت مع تأكيد نقيب المحامين ملحم خلف، ان التحركات السياسية لإجهاض الخطوات القضائية جاءت بعدما نجح المحقق العدلي في احداث خرق في تحقيقاته في رحلة الوصول الى الحقيقة.
هنا لا بد من التوقف عند ظاهرة غريبة تمثلت بتهجم أحد المحامين ومحاولته الاعتداء على احد دكاترة الجامعة اللبنانية المعتصم في “العدلية” مطالبا القضاء بلعب دوره وانقاذ البلد.
كل المؤشرات حتى الساعة توحي بأن الشعب اللبناني قرر الوقوف خلف مجلس القضاء الاعلى والمحقق العدلي، دعما لهم وحماية، في وجه الهجمة السياسية، التي يدرك اركان طبقتها ان تهاوي اول “لبنة” سيؤدي الى انهيار ما بنوه لسنوات، وستكر سبحة المحاسبة لتطال الجميع، بعد ان كشف الاعلام بمختلف تلاوينه المستور. وتؤكد اوساط في الثورة ان المجتمع المدني جاهز لسلسلة تحركات وخطوات وفقا لظروف المرحلة، بعضها منسق مع جهات حقوقية وقضائية دولية، من اجل الوصول الى كامل الحقيقة أياً تكن في جريمة المرفا الموصوفة، متوقعة خطوات ذات طابع اممي في الفترة المقبلة كفيلة بإحباط عمليات “اللفلفة والاحتيال” للتنصل من المسؤوليات، خاتمة بان دماء الشهداء والجرحى والخسائر التي دفعت هي ثمن ولادة لبنان الجديد.
بحسب” الشاطر حسن”، “مرتى مرتى تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد”، لقد حان اوان رحيل الطبقة الحاكمة “كلها يعني كلها”، “بالمنيح بالوحيش”، بثورة جياع ام ثورة قضاء، لا فرق. فما كتبه الله بأحرف منزلة منذ قديم الزمان “العدل اساس الملك”، لن تشذ “ام الشرائع” عنه، مهما حاول بعض مافيا السلطة ذر للرماد في العيون ، في محاولة اغراقهم البلد بدعاوى “تضيع معها الطاسة” والبوصلة، يظهر معها القضاء عاجزاً، “فتطبش كفة الميزان” لصالح الظلم على كفة العدل…. وهو ما لا يمكن ان يكون بعد اليوم، بوجود الله لا حزبه بالتأكيد….

 

المصدر : ليبانون ديبايت _ ميشال نصر