كتاب من عبود الى عبد الصمد ..

وجّه الوزير السابق فادي عبود إلى وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال منال عبد الصمد، كتابًا مفتوحًا حول “الحق في الوصول إلى المعلومات”.
وجاء في الكتاب:

“أشكر معالي الوزيرة على اهتمامها بالتوعية حول الشفافية واطلاق حملة اعلامية لتعميم اسس ومفاهيم الحق في الوصول الى المعلومات، ولكن يهمني ان ألفت نظر الوزير السيدة عبد الصمد الى نقاط بالغة الاهمية وأرجو التنبه اليها قبل وضع الجهود المذكورة في مكانها غير الصحيح، كمن يملأ سلة مثقوبة بالمياه لأن قانون الحق في الوصول الى المعلومات، قانون مشوّه ولن يؤمّن الشفافية المطلوبة في العمل العام لأسباب عدة:
لقد انقضى عصر طلب المعلومة وتعيين موظف وانتظار وقت محدّد للإجابة على الطلب، يجب ان ننتقل الى عصر الشفافية المطلقة بحيث تصبح كل المعلومات التي في حوزة القطاع العام وكل البيانات مفتوحة للجميع من دون الحاجة الى أي طلب ومتابعة .
هذا القانون يُدخل المواطن في متاهة إدارية عبر التقدّم بطلب رسمي للحصول على معلومة وتخصيص موظف للرّد على الطلبات، وكلنا نعرف تجربة المعاملات الرسمية، فالمواطن يعاني حين يتقدم بمعاملة أساسية تخصّ حياته، فمن سيقوم بمغامرة التقدّم بمعاملة رسمية للبحث عن معلومات هي في الأساس حقاً له، أي بمعنى آخر عندما تريد ألا تمنح شيئاً، قم بتعقيد المعاملات.
ان القانون المذكور يسمح بالعديد من الاستثناءات، مثلاً المبالغ التي لا تتخطى الخمسة ملايين ليرة لبنانية، المعاشات والحوافز والتعويضات وغيرها، هذه الثغرات تسمح للادارة بغربلة ما تريده من معلومات مما يجعل الشفافية منقوصة وهذا خطير، ان كل مستند او بيانات تتعلق بالمال العام يجب ان تكون مفتوحة للمواطن بشكل كامل ومن دون اي عوائق.
والأخطر هي القناعة الثابتة بأن طالب المعلومة يجب أن تكون له مصلحة أو صفة ليتقدّم إلى الإدارات العامة بطلبات للوصول إلى المعلومات (تمّ رفض العديد من الطلبات التي تقدّمت سابقاً بسبب انتفاء الصفة والمصلحة للجهة المتقدمة)، هذه مهزلة في حدّ ذاتها، كيف أن السلطة لا ترى مصلحة أو صفة لكل مواطن يدفع ضرائب بأن يطّلع على كل قرش يُصرف من المال العام؟ كما تضمّنت المراسيم التطبيقية اشارة الى ضرورة عدم تكرار الطلب مما يعتبر إساءة إلى استعمال القانون. ان وضع اي ضوابط على الشفافية هو إلغاء لها ونسفها من الأساس. فكما قلنا، الشفافية إما تكون مطلقة أو لا تكون .
أخيراً، ان “الايحاء بالشفافية هو اخطر من عدم وجودها، فإعطاء السلطة العامة قانوناً توهم به المواطن والمجتمع الدولي بأنها شفافة هو خطير، والافضل عدم وجوده في الأساس. الحل اليوم هو الانتقال الى عصر الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، ونتمنى ان تطّلع معالي الوزير على تجارب الدول العربية التي سبقتنا في قوانين الحق في الوصول الى المعلومات، وهي لم تقدّم ولم تؤخّر في مجال تحقيق الشفافية، نتمنى عدم استنساخ التجربة والانتقال الى قانون متقدّم يؤمّن الشفافية الحقيقية”.

Lebanon Debate