توجه رئيس لقاء الهوية والسيادة الوزير السابق يوسف سلامه في ١٩ تشرين الثاني برسالة مفتوحة للرئيس الفرنسي ماكرون، هذا نصها:
بدايةً، شكر الرئيس ماكرون على ملاقاته الشعب اللبناني في محنته إثر انفجار مرفأ بيروت ومشاركته اللبنانيين هواجسهم وآمالهم، وعلى التزامه الراسخ تجاه لبنان
وثانيًا وبالنظر إلى الفشل التام للطبقة السياسية اللبنانية في التمكن من إدارة شؤون البلد للخروج من الكارثة المالية والإنسانية وإلى تجربتكم الخاصة من خلال مبادرتكم التي كشفت الإهمال الجنائي والعجز التام لنظام الحكم في لبنان لكسر الجمود، نود أن نشارككم اقتراحات للإجراءات التي يمكن أن تتخذها فرنسا وشركاؤها لإنقاذ لبنان وشعبه ودولته.
الإجراءات المقترحة على المدى القصير،
الإجراءات السياسية،
١-الطبقة السياسية الحالية غير قادرة على إخراج لبنان من المأزق الذي قادته إليه، يعود ذلك إلى افتقارها إلى الذكاء، والخوف، والخضوع للسياسات الخارجية، والإهمال الجنائي، مما أدّى إلى تفاقم هذا العجز.
هذه الطبقة أجهضت المعارضة الوطنية بتزوير الانتخابات البرلمانية في مايو 2018، فشلت في الاستفادة من جزرة مؤتمر سيدر في نيسان 2018، وصدّت ثورة تشرين ٢٠١٩، ولم تستمع إلى نصائح الرئيس ماكرون في أغسطس 2020. يجب ألا نضيع الوقت في مناقشتها، يجب أن نذهب إلى إجبارها على التنازل عن السلطة حتى لو كان ذلك يعني بدء عقوبات وإجراءات قانونية ضد أكبر عدد من القادة السياسيين وشركائهم الرئيسيين. بالإضافة إلى العقوبات، من الضروري الكشف عن مدى الثروات الشخصية لكل شخص لتبيان حقيقتهم لدى الشعب اللبناني.
٢- يجب الضغط من أجل تشكيل حكومة من شخصيات كفؤة ونزيهة من المعارضة اللبنانية الداخلية ومن الشتات، وإعطائها صلاحيات تشريعية تحرّرها من الحاجة إلى البرلمان كي تضمن تنشيط ونزاهة واستقلال القضاء وتتخذ إجراءات طارئة لإعادة تنشيط الاقتصاد اللبناني (مثل الإصلاحات الأساسية في قطاعات الطاقة والخدمات المصرفية، المعاملات الحكومية ومحاربة الفساد).
٣-على الرغم من بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، يمكن مساعدة مجلس الوزراء من قبل فريق من المستشارين اللبنانيين الدوليين من ذوي الخبرات المتطورة، ممولين من الاتحاد الأوروبي أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت إشراف فرنسي مباشر.
الإجراءات القضائية،
٤- يمكن لفرنسا وشركائها الاحتماء بالقانون الدولي لإنشاء لجنة تعمل لاسترداد الأموال المختلسة والمسروقة من اللبنانيين باستخدام جميع قواعد الاكتشاف واللجوء إلى المحاكم الدولية ومحاكم الدول المختلفة التي توجد فيها تلك الأصول.
٥- يمكن لفرنسا وشركائها التذرع بالقانون الدولي لاتخاذ الإجراءات القانونية واتهام الطبقة السياسية اللبنانية بالتقصير الاجرامي معتبرين تفجير ميناء بيروت نقطة انطلاق.الاجراءات المالية والاقتصادية
٦- يعتبر النظام المصرفي والبنك المركزي حجر الزاوية للاقتصاد اللبناني بأكمله، ويمكن اتخاذ إجراءات فرنسية أوروبية مشتركة تجيز شراء أغلبية الأسهم في جميع المصارف اللبنانية دون إعفاء أصحابها من مسؤولياتهم القانونية والجنائية. وهذا سيجعل من الممكن ممارسة الضغط على الحكومة المدينة أصلاً للمصارف من أجل “تطهير” النظام وإعادة تنشيط الاقتصاد والسيطرة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
٧- يمكن لفرنسا وشركائها أيضا شراء ديون لبنان السيادية الخارجية، الأمر الذي سيمكن من تشكيل لجنة دولية لإدارة الدين وسداده، وبالتالي توجيه سياسة الحكومة التنموية إلى ما بعد ذلك.ملاحظة: ينبغي النظر في نموذج إدارة الدين العام العثماني والبنك العثماني في هذا السياق.
٨- إنشاء صندوق دعم دولي للبنان يديره بشكل مستقل عن الحكومة اللبنانية لتطوير الخدمات العامة من الامتيازات والشراكات بين القطاعين العام والخاص لمساعدة البطارية الحكومية على الانطلاق.
العمل العسكري
٩- يمكن لفرنسا أن تطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وضع حدود لبنان كلها تحت الحماية الدولية استنادًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي توسيع مهمة اليونيفيل لتشمل كل لبنان.وفي حال الفشل باتخاذ قرار أممي، يمكن التذرّع بقرار من الناتو أو أوروبا لحماية شرق البحر المتوسط.
إنّ اندماج الجيش اللبناني في هذا العمل سيعزز الجهاز وقد يساعد في استعادة هيبة الجيش وقدرته ونفوذه.على أي حال ، لا بد من تقوية الجيش اللبناني، وإخراجه من نفوذ الطبقة السياسية، والتوفيق بينه وبين الشعب اللبناني لأنه يبقى المؤسسة الوطنية الوحيدة التي لا يزال حولها نفوذ وإجماع.
الإجراءات المقترحة على المدى البعيد،
١٠- مات لبنان الكبير بصيغته الأصلية.يجب أن ننظر في شكل جديد للدولة اللبنانية يأخذ بعين الاعتبار التاريخ الحديث والوضع الحالي لتجنب استيلاء إيران بواسطة حزب الله على لبنان أو الانزلاق إلى جحيم حرب أهلية جديدة وسط الانهيار الاجتماعي والاقتصادي الذي نحن فيه،نطلب من فرنسا وشركائها إدارة عملية الانتقال من خلال إدارة الأمم المتحدة أو مؤتمر وطني ترعاه باريس وشركاؤها ويهدف إلى مناقشة طرائق ترتيب دستوري جديد.
ثلاثة مواضيع رئيسية تفرض نفسها في التهيئة للبنان الجديد:
(أ) دولة قانون مدني ،
(ب)حيادية مضمونة ،
(ج) نظام فيدرالي يُبقي البلد موحداً مع ضمان مساحة حيوية وآمنة لكل مكوّن رئيسي لإعادة تكوين نفسه وإعادة البناء والمضي قدما. نحن بصدد التحضير لمشروع متكامل بالتعاون مع آخرين من جميع طوائف لبنان.
11- إقامة شراكة اقتصادية وثقافية مع الكانتونات اللبنانية لضمان التنمية المستدامة والأمن لمنطقة البحر الأبيض المتوسط.نأمل أن تجدوا مقترحات العمل هذه مفيدة وممكنة في إطار السياسة الفرنسية والتزام فرنسا التاريخي تجاه الشعب اللبناني الذي أصبح اليوم شعبًا جريحًا ويعاني.
أرجو أن تتقبلوا ، سيدي الرئيس ، التعبير عن أطيب تحياتنا ،
يوسف سلامة