نشرت وكالة رويترز عن مصدر رسمي المجلس المركزي للمصرف المركزي يدرس إقتراح خفض الإحتياط الإلزامي من 15 % إلى 12 % وذلك بهدف الإستمرار بدعم المواد الأولية والغذائية مع وصول الإحتياطات القابلة للإستخدام إلى الصفر. وأضافت رويترز أن حاكم المركزي اجتمع مع الوزراء المعنيين في حكومة تصريف الأعمال الثلاثاء وكان أحد الخيارات قيد الدراسة خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 15 بالمئة إلى نحو 12 بالمئة أو عشرة بالمئة” وهذا يعني أن المصرف المركزي وبغطاء حكومي سيستخدم أموال المودعين لشراء المواد الغذائية والأولية والتي يتمّ تهريبها إلى دول أخرى مثل الكويت وتركيا وسوريا من قبل عصابات محمية من بعض أصحاب النفوذ.
على كلٍ هذه العملية ستسمح بتوفير ما بين 3 إلى 3.5 مليار دولار أميركي وعلى وتيرة 600 مليون دولار أميركي دعم واردات الوقود والقمح والأدوية، قد يتمكّن المركزي من الإستمرار بالدعم من 5 إلى عدة أشهر إضافية بإنتظار حلحلة سياسية وإلا سيكون على المركزي إعادة عملية خفض الإحتياطي الإلزامي لشراء وقت إضافي.
أحد السيناريوهات (الجهنّمية) المُحتملة هو إستنزاف كل الإحتياطي الإلزامي لجعل لبنان خاضعًا سياسيًا وبالتالي قبوله بكل الشروط الدولية وهو ما قد يستمر حتى العام 2022! على كل هذا السيناريو الكارثي يُشكّل إرتهان كامل للبنان للمنظومة المالية العالمية مما قدّ يؤدّي إلى رهن موارد لبنان.
عمليًا الصراع السياسي يؤجّج الرأي العام ويُصوّبه ضدّ حاكم مصرف لبنان الذي بدون شكّ إرتكب أخطاءً بإقراضه الدولة اللبنانية، إلا أن دين الدوّلة البالغ 92 مليار دولار أميركي صّرف من قبل الطبقة السياسية من خلال الموازنات وبالتالي من المُتوقّع أن يتحمّل سلامة تداعيات خفض الإحتياطي الإلزامي.
دعم المواد الأولية والغذائية
إرتفعت مؤشر الأسعار خلال الشهر المُنصرم بنسبة 3.39 % هذا الإرتفاع يأتي ليضع لبنان في المرتبة الثانية عالميًا بحسب جامعة هوبكنز. ويأتي هذا الإرتفاع نتيجة رفع الدعم عن بعض المواد الموجودة في السلة الغذائية التي تمّ ترشيدها. إلا أن هذا الأمر يبقى غير كافٍ لترشيد الدعم إذ أن عمليات التهريب ما تزال قائمة وتطال كل المواد المدعومة بما فيها المحروقات والقمح والأدوية والمواد الغذائية. وبالتالي فإن إيطال فترة الدعم يمرّ إلزاميًا بعملية السيطرة على التهريب بحكم أنه وبفرضية أنه تمّ خفض الإحتياطي الإلزامي، فإن هذا التهريب مُموّل من ودائع المودعين!
أيضًا من الإقتراحات الواجب تطبيقها البطاقة التموينية التي تجعل الدعم يذهب مباشرة إلى المواطن بدل أن يذهب إلى التجار. ويُمكن إسناد توزيع هذه البطاقة إلى الجيش اللبناني الذي أثبت من خلال المساعدات السابقة أنه قادر على توزيعها بشكل عادل على المواطنين الأكثر حاجة.
وتبقى الحكومة هي الحلّ
يبقى القول إن كل الحلول المطروحة هي حلول آنية ولا تُشكّل حلا للأزمة التي تعصف بلبنان على الصعد السياسية والإقتصادية والنقدية والإجتماعية. من هذا المُنطلق يأتي تشكيل الحكومة وقيامها بإصلاحات إقتصادية ومالية والتفاوض مع صندوق النقد لضخّ الدولارات في الإقتصاد هو الحلّ المنشود والأكثر إستدامة.
هذا الأمر يُظهر إلى العلن أهمية الحل السياسي وتشكيل الحكومة الذي من المفروض أن يكون الشغل الشاغل للقوى السياسية التي أصبحت تتناحر على مشاريع قوانين لن تُنفذ حتى ولو أقرّت بسبب غياب المراسيم التطبيقية. إلا أن الظاهر أن المُعطيات الإقليمية والدولية تمنع تشكيل الحكومة وبالتالي يظهر أن لبنان يتجه نحو فترة من الغموض قد يتخللها فلتان أمني وحتى إغتيالات سياسية لتؤدّي إلى فوضى كاملة وهو ما بدأنا نشهده في البقاع وبشري وغيرها من المناطق اللبنانية.
صحيفة ديار