إعتبر رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، أن “الإحتياط كان أفضل منذ البداية بحماية مسار التدقيق الجنائي من خلال قانون يفتح السرية المصرفية على حسابات مصرف لبنان وكل حسابات الدولة، وهو ما سأتقدم به في الأيام المقبلة”.
وأشار كنعان في حديث إلى برنامج “عشرين 30” عبر قتاة الـ”LBCI”، إلى أن قانون “الكابيتال كونترول” شارف على نهايته في اللجنة الفرعية بعد الأخذ بملاحظات صندوق النقد عليه، لأن الكابيتال كونترول أساسي للإتفاق مع الصندوق، فهو باب للتمويل وأعرف تماماً من معه ومن ضده، وهو ما سيظهر في الهيئة العامة، علماً أننا نقوم بالإتصالات اللازمة لتبديد كل المخاوف”.
وأوضح أنه “خلال أسبوع سنكون أمام صيغة للكابيتال كونترول لتمويل الطلاب في الخارج والدواء ومتطلبات أخرى للناس”.وأعلن كنعان أنه “ليس مع إلغاء السرية المصرفية كلّياً في لبنان، بل برفعها عن كل من يتعاطى الشأن العام لتأمين الشفافية والمحاسبة ومكافحة الهدر والفساد”، وقال: “لست مرتاحاً للمسار القضائي في ملفات الفساد ومنها ملف التوظيف العشوائي الذي عملنا عليه على مدى 8 أشهر، وإكتشفنا 32 ألف وظيفة خارج التوصيف الوظيفي، إضافة إلى قطوعات الحسابات والحوالات المفقودة والهبات التي خضعت لرقابة لجنة المال ودخلنا إلى الهدر بإنفاق المال العام والمجالس والجمعيات والأبنية المستأجرة، “وعملنا شغلنا” ولكن القضاء لم يقم بعمله كاملاً في شأنها، لأن القضاء في لبنان بنسبة كبيرة منه غير مستقل”.
وأضاف: “لذلك جاء طرحنا إنشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية، وقد عاونت في هذا القانون العماد ميشال عون في العام 2013 عندماً كان رئيساً لتكتل التغيير والإصلاح، وهذه المحكمة منتخبة من الجسم القضائي والمجتمع المدني شريك فيها من خلال إختيار النقابات للمثليها، ويناط بها كل النيابات العامة، ويمكن أن تكون بالتعاون مع المجتمع الدولي، ما يسمح بالمحاسبة الفعلية للفساد”.
وسأل كنعان: “لماذا لم تقم القيامة على عدم بت ديوان المحاسبة حتى الآن بملف الحسابات المالية، وتؤمن له الإمكانات لانجاز عمله، وإلا يعتبر ذلك تغطية على هدر المال العام؟”.
وعن “خطة التعافي الحكومي” شرح كنعان أن “لجنة المال والموازنة، وبعدما تبيّن له أن الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد، والمؤلف من وزارة المال ومصرف لبنان، لم يحمل رؤية موحدة ومقاربات موحدة في تفاوضه، عمدت إلى جمع المعنيين تحت قبة البرلمان، لتحصين الموقف اللبناني التفاوضي”،.
وتابع :”لقد كان لنا ملاحظات على خطة الحكومة ومحاولة لتصحيح الثغرات الكثيرة فيها، ولم نناقش خطة المصارف لا بل نعارضها، ومارسنا حقّنا البرلماني في طرح خيار ثالث بتوزيع الأعباء على الدولة ومصرف لبنان والمصارف، بهدف حماية المودعين”.
وعن التدقيق الجنائي، كشف كنعان أن “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيوجه رسالة إلى المجلس النيابي حوله، وقائلاً: “كانت هناك ثغرات قانونية في العقد الموقع مع شركة “الفاريز اند مارسال”، وهو ما عبّر عنه ممثلو وزارتي المال والعدل ومصرف لبنان، على طاولة لجنة المال والموازنة، وكان يفترض في ضوء ذلك أن يترافق ذلك مع مشروع قانون يحال من الحكومة إلى المجلس النيابي قبل 6 أشهر، لرفع أي ذريعة أو عائق أمام إتمام التدقيق، خصوصاً أن من حق اللبناني معرفة مصير ودائعه ووصول التدقيق الجنائي لنتيجة تحدد المسؤوليات وسير الحكومة بالإصلاحات المطلوبة لإستعادة الثقة وإستقطاب الإستثمارات الخارجية”.
وذكّر كنعان بأن “قانون السرية المصرفية الذي خرج من اللجنة التي أرأسها، لا يسمح في المادة السابعة منه لا لمصرف لبنان ولا للمصارف أو أي مؤسسة أخرى بأن يعتد لا بسرية مصرفية ولا مهنية في حال كان هناك جرائم فساد”، وقال: ” لقد طالبت بالتدقيق بحسابات مصرف لبنان لا اليوم بل منذ العام ٢٠١٧ وبتوصيات رسمية من لجنة المال رفعت الى المجلس النيابي والحكومة وهو ما لم يحصل “.ولفت كنعان إلى أن “المسؤول عن هروب شركة التدقيق المالي من لبنان هو غياب الإرادة السياسية الجدية بعملية التدقيق الحسابي، لا منذ اليوم، بل منذ 10 سنوات عندما إكتشفنا في لجنة المال أن قطوعات الحسابات في لبنان فير مدققة منذ العام 1993 ووصلت الأرقام التي أرسلت إلى ديوان المحاسبة بعد رقابة برلمانية إستمرت عشر سنوات مع وزارة المال الى 27 مليار دولار، ولم تصدر حتى اليوم القرارات المفترضة عن الديوان لترفع السرية المصرفية وتحصل المحاسبة المطلوبة”.
وإعتبر أن “المجموعات السياسية في لبنان تخضع القوانين لمصالحها، وهناك ثقافة سياسية يجب أن نناضل من أجلها للإلتزام بالمحاسبة وعدم اخضاع الدولة ومؤسساتها لمزرعة الاحزاب والطوائف”.وأشار كنعان إلى انه “على الرغم من كل شيء هناك إمكانية للإصلاحات، لأن “العوض بسلامتنا” إذا لم يكن الإصلاح بعد الإنهيار الذي حصل نتيجة عدم الإلتزام بالوعود الإصلاحية من قبل الحكومات المتعاقبة منذ باريس 1 وفقدان الثقة الخارجية من صندوق النقد وسيدر بلبنان، والداخلية بالقطاع المصرفي” .
وقال كنعان: “أؤمن بأن المحاسبة يجب أن تبدأ من الشعب، وعليه المفاضلة بحسب الإنجاز والكفاءة والقناعة، لننتهي من الإنتخاب على أساس الغريزة والطائفة والتعليمات التي تأتي، لأن ذلك يؤدي الى وصول مشرّعين غير قادرين على المحاسبة لانتمائهم الى تركيبة تتحكم بالأمور”.
وأضاف: “التعميم يجهّل الفاعل و يصبح شريك بالجريمة، ولا يمكن القول إن الجميع شريك بالفساد، وأنا أدّعي خلال مسيرتي البرلمانية، بأنني عملت على أكثر من 170 قانوناً، وإن رزمة قوانين مكافحة الفساد خرجت من لجان أرأسها، وهي قانون الإثراء غير المشروع الذي رفع كل الحصانات، وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورفع السرية المصرفية، وإستعادة الأموال المنهوبة ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ويضاف إلى ذلك التدقيق بالموازنات والحسابات المالية، وملف التوظيف العشوائي”.
وختم رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، قائلاً: إن العمل الذي قمنا به نضعه أمام الناس، وأنا ضد نظرية “ما خلونا”خاصة للمرحلة المقبلة، لأنني أعتبر أن الوصول إلى نتيجة واجب، وقد تمكنا من ذلك في أكثر من ملف، من دون أن ننسى الظروف الكبيرة الدولية والخارجية المحيطة بلبنان، ما بين الأحلاف والمحاور وصراعها، وهو ما يتطلب إنتاج رؤية وطنية تحمينا، والوصول إلى مجتمع ينتمي إلى الدولة، بدل مجموعة شعوب تعيش ضمن تركيبات محاصصاتية”.