السفيرة الفرنسية زارت الجنوب ومنحت رباب الصدر وساماً

صدر عن السفارة الفرنسية في لبنان، بيان عن زيارة السفيرة آن غريو إلى جنوب لبنان اليوم، وجاء فيه:
“توجهت سفيرة فرنسا في لبنان السيدة آن غريو في التاسع والعاشر من تشرين الثاني – نوفمبر إلى جنوب لبنان، وهي منطقة التزمت فيها فرنسا منذ زمن بعيد من أجل استقرار البلاد. إنها الزيارة الأولى التي تقوم بها السفيرة خارج بيروت منذ استلامها لمهامها في لبنان.

كان في استقبالها في المقر الرئيسي لليونيفيل في الناقورة قائد القوة الدولية الجنرال ستيفانو دل كول ورئيس الاركان الجنرال جان بيير فاغي. أكدت السيدة غريو لهما دعم فرنسا غير المشروط إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وفي قاعدة الكتيبة الفرنسية في دير كيفا، افتتحت السفيرة الفرنسية ساحة شارل دي غول لمناسبة الذكرى الخمسين على غيابه. كما حلقت فوق الخط الأزرق.

من جهة أخرى، تخلل هذه الزيارة شق ثقافي وتربوي مهم تمثل بزيارة مقر المعهد الفرنسي في صيدا في مبني خان الافرنج التاريخي الذي يضم أيضا مقر مؤسسة الحريري حيث التقت السيدة آن غريو بهذه المناسبة برئيسة هذه المؤسسة النائبة بهية الحريري، مشددة على التزام المؤسسة اللافت في سبيل التربية والتعليم العالي.

هذا، وقد زارت السفيرة أيضا مركز تبنين الثقافي الذي يضطلع بمهمة في غاية الأهمية ألا وهي نشر الفرنكوفونية في جنوب لبنان.


كذلك، منحت سفيرة فرنسا وسام جوقة الشرف برتبة ضابط إلى السيدة رباب الصدر، رئيسة مؤسسة الامام صدر، تقديرا لعطاءاتها في مجال الدفاع عن العيش المشترك السلمي بين جميع الطوائف في المنطقة ولسعيها من أجل جعل التعليم متاحا للجميع وبشكل خاص النساء.

والقت غريو، كلمة توجهت فيها الى السيدة الصدر، وقالت:
“سيدتي، أنت لا تحبين الأضواء. نحن جميعا على علم بذلك، وهذا يزيدك شرفا على شرف. ولكن إقبلي اليوم أن تضعك فرنسا في الصدارة لأنك تستحقين ذلك. نعم، نحن جميعنا مجتمعون هنا اليوم، مع أسرتك وأقربائك والذين يعملون إلى جانبك، من أجل تكريمك أنت، المديرة العامة لمؤسسات الإمام الصدر والمرأة النشيطة، صاحبة الإلتزام الذي لا يتزعزع.

بادئ ذي بدء، إنك تجسدين وتحملين، بشخصك وعملك، قيما إنسانية وعالمية تشاركك إياها فرنسا، وهي القيم نفسها التي تدافع عنها فرنسا وتعمل على نشرها.
قيم الحرية أولا، من خلال تزويد كل فرد بإمكانية التمتّع بالاستقلالية والاستقلال والعيش بكرامة والشعور بالمواطنة. هذا هو المشروع الذي تقترحينه على كل من يطرق باب مؤسساتك. والحرية تبدأ من هنا تحديدا.
المساواة ثانيا، أي المساواة بين النساء والرجال؛ تكافؤ الفرص مع إيلاء اهتمام خاص للشباب الذين سيبنون مستقبل هذا البلد؛ المساواة بين الجميع، من دون أي تمييز مذهبي أو طائفي. كل عمل تقوم به مؤسسات الإمام الصدر في هذا الاتجاه.
والأخوة ثالثا، كهذا الاندفاع الأخوي لدى الشباب في مؤسسات الإمام الصدر، الذين ذهبوا لتقديم المساعدة إلى أهالي بيروت المتضررين من جراء الانفجار ومواساتهم وإزالة الركام من شوارع الجميزة ومار مخايل والكرنتينا.

حسن الإصغاء والحوار مع الآخر والاحترام المتبادل وفهم أوجه الاختلاف لبناء مشاريع مشتركة: هذا هو نهجك، وهو نهج قائم على السلام والعدالة الاجتماعية. في وقت يتعرض فيه العالم لخضات من جراء الشعبوية والتعصب، تلقى حكمتك ويلقى تسامحك صدى كبيرا في كل منا.

من ناحية أخرى، تشكل هذه القيم وروح الإنسانية هذه أساس التزامك من أجل لبنان مزدهر ومستقر وسيد وموحد، من أجل لبنان يعتد بشكل كامل بهويته العربية ولكنه يبقى أمينا لتاريخه ومنفتحا على العالم، من أجل بلد يستطيع أن يقدم مستقبلا لمواطنيه وأن يعود إلى ما كان عليه، أي أن يكون مرجعا بكل ما للكلمة من معنى. أنت على حق: ليس هناك من قدر محتوم ومن الممكن دائما تغيير مجرى الأمور ومسار الحياة. إن جميع الذين تستقبلينهم في مؤسسات الإمام الصدر يستطيعون أن يشهدوا على ذلك.

هذه هي الرؤية نفسها التي دفعت فرنسا للتعبير عن التزامها، في هذه اللحظة الصعبة بالذات من تاريخ هذا البلد، وهو التزام شخصي لرئيس الجمهورية الفرنسية، انطلاقا من احترام فرنسا والفرنسيين العميق ومحبتهم للبنان ولجميع اللبنانيين. في لبنان، هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية واجتماعية مأسوية تشهدون أنتم عليها يوميا هنا في مدينة صور، ستبقى يد فرنسا ممدودة إلى اللبنانيين لأننا نؤمن بأن النهوض ممكن ولكن هناك ما يستدعي التحرك بشكل طارئ.

أضف إلى ذلك أن تواضعك البالغ يدفعك إلى القول إنك لا تقومين سوى بمواصلة مسيرة أخيك، الإمام المغيب موسى الصدر، من خلال الاستمرار بالتزامه الخيري تجاه تربية الأجيال الصاعدة والقوى الحية في هذا البلد، بما لا يقتصر فقط على الطائفة الشيعية وحدها. ولكنك كنت إلى جانبه عندما أنشأ هذه المؤسسات.

وقد أخذت الشعلة بكل أمانة ومن دون أي تقصير. منذ أكثر من ستين سنة، بالشغف والعزيمة والايمان والذكاء والقوة الساكنة التي تتسمين بها، تحملين عاليا إسم مؤسسات الإمام الصدر وتجسدين روحها وقوتها من خلال لمستك التي تضفينها، كإمرأة بشكل خاص، عليها.
وفي الواقع، تتميز مؤسسات الإمام الصدر بعملها من دون كلل أو ملل من أجل النساء والشابات لكي يتمكن من بلوغ الحرية والإستقلالية والمشاركة في تنمية بلادهن. وهذه هي العدالة بعينها، لأنه في استطاعة النساء اللبنانيات أن يصنعن التاريخ. أنا ألمس ذلك منذ وصولي، حيث إنني أعجبت بشجاعتهن وكرامتهن وحبهن للحياة على الرغم من الصعاب، كما تأثرت بالكرم الذي استقبلتني به. وأنت، سيدتي، امرأة قوية ومصدر إلهام لهن ولجميع النساء.

إن هذا الالتزام من أجل النساء هو أيضا ما دفع بفرنسا إلى تكريمك اليوم. لقد جعل رئيس الجمهورية من المساواة بين النساء والرجال قضية وطنية كبيرة في عهده. في العام 2021 ، بمبادرة منه، ستستضيف فرنسا “منتدى جيل المساواة” برئاسة مشتركة مع المكسيك، حيث كنت سفيرة لبلادي، بهدف الدفع باتجاه أجندة دولية جديدة وطموحة من أجل النساء.

وسأعمل لكي تتمكن المرأة اللبنانية من إسماع صوتها، ولكي يتم إبراز عمل مؤسسات الإمام الصدر، بموافقتك طبعا.

أيها الأصدقاء الأعزاء،
تفهمون إذا لماذا أشعر، بصفتي سفيرة فرنسا في هذا البلد، ولكن أيضا بصفتي امرأة وأم وفرنسية ومتوسطية، بأن منح هذا الوسام إلى السيدة رباب الصدر هو فعلا شرف أفتخر به.

أخيرا، إنني مسرورة للغاية، سيدتي، بإقامة هذه المراسم، كما أردت، في ديارك، في مؤسسات الإمام الصدر، في مدينة صور، في هذا الجنوب الجريح، الذي أحس سكانه بأنهم متروكون ومهملون. وأنت لم تغادري يوما هذه المنطقة، مكرسة كل طاقاتك من خلال مؤسسات الإمام الصدر للتنمية والاستقرار فيها. وقد أردت أن أخصص زيارتي الأولى خارج مدينة بيروت لهذا الجنوب، لأن فرنسا تشارك أيضا في ضمان استقراره.

فلقد التقيت يوم أمس العسكريين الفرنسيين المشاركين في قوات اليونيفيل، الذين أطلعوني على ما يقومون به إلى جانب سكان المنطقة وبالتعاون معهم، بالإضافة إلى التزامهم في إطار قوات حفظ السلام هذه. أتمنى أن يكون مجيئي اليوم أيضا فرصة لتعزيز روابطنا من خلال مشاريع ملموسة نقوم بها معا في هذه المنطقة، لا سيما أننا نستطيع أن نعتمد فيها على حضور تربوي وثقافي، وذلك بالروحية نفسها التي تميز عملنا في كافة أنحاء البلاد.

وختمت السفيرة غريو :سيدتي، من أجل المشروع الإنساني الذي تحملينه والذي يشكل صدى لما تتمنى فرنسا أن تعززه في هذا البلد الشقيق، تكرمك فرنسا اليوم بمنحك أجمل أوسمتها، عنيت ذلك وسام جوقة الشرف. من خلال شخصك والتزامك، وإنطلاقا من قناعاتك ومن كل ما بنيته مع أخيك، تكرم فرنسا أيضا جميع الذين تشكلين مصدر إلهام بالنسبة إليهم. وهم في المقام الأول المتطوعون في مؤسسات الإمام الصدر، ولكن أيضا جميع اللبنانيات واللبنانيين الذين يجدون أنفسهم في قيمك وفي نضالك اليومي، ويشاركونك قناعتك بأنه من الممكن للبنان أن يتصالح مع نفسه وأن يكون قويا وموحدا ومستقلا. والآن سأقلدك، وفقا للمراسم الرسمية، وسام جوقة الشرف بإسم رئيس الجمهورية، نقلدك وسام جوقة الشرف من رتبة ضابط”.