جاء في “المركزية”:
يبدو الأفق الحكومي مسدودا مقفلا في المدى المنظور، امام اي خرق ايجابي، الا اذا.
فالعقوبات الاميركية التي فرضت مساء الجمعة على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، أتت لتزيد طينة “التأليف” الثقيلة أصلا، بلّة، وأعادت خلط الاوراق على هذه الضفة، خلطة سلبية، ستحوّل لعبة التشكيل، أحجية معقّدة مستحيلة الحلّ.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ما عاد امام باسيل ما يخسره بعد العقوبات، وللغاية خرج من موقع اللاعب المستتر خلف بعبدا، الجالس في الظل على طاولة الحكومة، الى الاضواء، فارضا على الرئيس المكلف سعد الحريري بوضوح شروطه: إما مداورة شاملة تطال المالية او فليبق القديم على قديمه.
كما واننا نحن من نختار وزراءنا، وتولي وزير اكثر من حقيبة أمر مرفوض.
هذا السقف الذي حدده رئيس التيار في كلمته الاحد، سيتبناه حزب الله في الساعات المقبلة، من منطلق الوفاء والاخلاص لحليفه الذي دفع غاليا ثمن وفائه لتفاهم مار مخايل، وهذا الموقف يفترض ان يعلنه غدا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمة يلقيها مساء، سيحدد فيها، وفق المصادر، تموضعا جديدا للحزب حكوميا، وإن لم يقله بصراحة،
خلاصته: “ما يقبل به جبران باسيل، نقبل به نحن، وما يرفضه، سنرفضه” في موقف سيضع الرئيس الحريري امام معطى جديد كليا: فالرجل وفق المصادر، كان قبل ان يسير في مبادرته الحكومية، ويقبل التكليف، تفاهم مع الثنائي الشيعي على ان الاخير سيلعب دور المسهّل للتأليف، بعد ان ارتاح الى ان الحريري قدّم له وزارة المال على طبق من فضّة.
اما اليوم، فإن اصطفاف الحزب قلبا وقالبا الى جانب باسيل، الذي يطرح ما يستحيل على الحريري قبوله، سيضع الرئيس المكلف امام امر واقع جديد.
في المقابل، تتابع المصادر، يدرك سيّد بيت الوسط ان لا بديل منه رئيسا مكلفا على الساحة السنية اليوم، وهو يحاول الاستفادة من هذا “الجوكر” الثمين، لعدم الرضوخ لشروط الفريق الآخر.
غير ان التمسك بما يريد، اي المداورة الشاملة وحكومة مصغرة مؤلفة من اختصاصيين غير حزبيين يختار وزراءها بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ومع من سمّوه، حصرا، يعني “في العملي” ان الحكومة لن تبصر النور.
نحن اذا امام لاءات متبادلة لن تصنع حكومة، والمطلوب ان يتنازل طرف من الطرفين للآخر.
الحائط المسدود هذا الذي بلغته عربة التشكيل قد تكون دفعت بفرنسا الى ارسال موفد من قبلها الى بيروت في الساعات المقبلة، سيلتقي المعنيين بالتأليف لمحاولة تحقيق خرق ما، وانعاش المبادرة الفرنسية التي باتت في حكم الميتة. لكن مهمّة باريس لن تكون سهلة.
ففريق بعبدا – 8 آذار، لن يرضخ ولن يقدّم لباريس هدية بعد ان أثبتب انها أعجز من حمايته دوليا، بدليل العقوبات الآخذة بالتمدد، ولن يرضخ للحريري وشروطه “بالبلاش”، خاصة في هذا التوقيت الضبابي بين افول ادارة الرئيس دونالد ترامب وتسلّم الجمهوري جو بايدن الحكم، مبدئيا.. فهل يمكن ان تطلب باريس من الحريري، التنازل، وهل تضمن له ان تنال اي حكومة يشكّلها دعما ماليا دوليا في حال احسنت في الاصلاح؟
تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ “المركزية” ان الزيارة الفرنسية لبيروت تأتي بعيد انقضاء مهلة الاسابيع الخمسة التي مددها ماكرون للمبادرة في مؤتمره الصحافي ،على اثر اعتذار السفير مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة في 26 ايلول الفائت، بحيث يستوضح الموفد الرئاسي المسؤولين اللبنانيين عن مدى التزامهم بالمبادرة التي تعهدوا تنفيذها، والا وخلاف ذلك، يعني تحمل تبعات سقوطها، بما يعني هذا السقوط على مستوى مصير لبنان الذي حذر وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان من زواله عن الخريطة في ما لو لم ينفذ الاصلاحات.
هذه الاصلاحات هي الاهم، تضيف المصادر بالنسبة الى باريس، لا شكل الحكومة ولا من فيها. الموفد الفرنسي سيدّق الباب اللبناني مجددا فهل يسمع الجواب الشافي؟