‏الكذب الأميركي: “باسيل عرض علينا الانفصال عن حزب الله”

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : حاولت السفيرة الأميركية صياغة رد ملائم لما كشف عنه رئيس التيار ‏الوطني الحر جبران باسيل، فخلصت الى تعميق حفرة “الكذب” الأميركي ‏لتبرير كل الموبقات المرتكبة بحق الأفراد والشعوب والدول، على شكل ‏عقوبات. وفيما لم تذلل هذه العقوبات العقبات امام الإسراع في تأليف ‏حكومة وطنية، اختلفت الأجواء العونية والحريرية حول لقاء رئيس ‏الحكومة المكلف برئيس الجمهورية أمس
لم تكد تمر الساعة الرابعة والعشرون على مؤتمر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل رداً على إعلان الادارة ‏الأميركية فرض العقوبات عليه، حتى أتى الرد من السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا. حاولت الأخيرة ‏الموازنة بين ما كشفه باسيل عن طريقة الترغيب والترهيب الأميركية في إخضاع من يعارض أوامرها، وبين تلميع ‏صورة إدارتها التي تدّعي الدفاع عن حقوق الانسان والحريات في كل أنحاء العالم. كان لا بد لشيا من التعليق على كلام ‏باسيل الناري، فأتى مضمون خطابها هزيلاً، وبدت عاجزة عن إيجاد تفصيل صغير يبرر العقوبات الأميركية، لتؤكد ‏مرة أخرى أن أسبابها لا تمت الى الفساد بصلة. جلّ ما صدر عنها نتيجة ما سمّته مطالبة الجميع بالاطلاع على الأدلة ‏التي كانت في الملفات والتي أدت الى فرض العقوبات، قولها “إننا نسعى لجعل القدر الاكبر من المعلومات متاحاً عند ‏الإعلان عن التسميات، ولكن، كما هي الحال في كثير من الأحيان، فإن بعض هذه المعلومات غير قابل للنشر”. العبارة ‏تلك كفيلة بكشف الكذب الأميركي، وهي الحجة الدائمة لتبرير الحروب على دول والاجتياحات لدول أخرى وحصار ‏وتجويع شعوب. بررت السفيرة الأميركية العقوبات في وقت حصول الانتخابات الأميركية بأن “عملية التسمية ‏وصلت إلى النقطة التي أصبحت فيها جاهزة للتنفيذ، وتمت بناءً على تعليمات من واشنطن”. وأضافت أنها “على ‏سبيل المجاملة، قامت بمتابعة هذا الأمر من خلال مكالمات هاتفية رفيعة المستوى حيث تمت مناقشة هذا الموضوع‎”.‎
وفي سعي منها لدحض ما فضحه باسيل عن عدة العمل الأميركية والضغوط والمغريات التي قدمت له لفك تحالفه مع ‏حزب الله، قالت شيا إن باسيل هو الذي “أعرب عن الاستعداد للانفصال عن الحزب بشروط معينة”. كذلك “أعرب ‏عن امتنانه لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة هي غير مؤاتية للتيار، حتى إن مستشارين رئيسيين ‏أبلغوني أنهم شجّعوا باسيل على اتخاذ هذا القرار التاريخي”. هنا أيضاً بدا كلام السفيرة منافياً للمنطق ولكل ما تحاول ‏أميركا تحقيقه سياسياً في لبنان منذ الاعلان عن وثيقة التفاهم بين التيار والحزب، وما تلاها من أحداث أسهمت في ‏توطيد العلاقة بين الطرفين بما يحبط الأجندة الاسرائيلية لتطويق المقاومة في الداخل. لكن كان لدى شيا من الوقاحة ما ‏سمح لها بأن تختم خطابها بالقول إن “الولايات المتحدة اتخذت هذا الإجراء تضامناً مع الشعب اللبناني‎”.
في المقابل، أصدر المكتب الاعلامي لرئيس التيار الوطني الحر بياناً حول ما صدر عن شيا، لفت فيه إلى أن كلام ‏السفيرة “برهان على عدم وجود إثباتات على الاتهامات الموجهة لباسيل ‏بالتورط في الفساد (…) ‏فإذا كانت هذه ‏المعطيات متوافرة ولا تريد نشرها، فإن النائب باسيل يطالب أقله بأن تقوم الجهة الأميركية المعنية بتسليمها للسلطات ‏اللبنانية المختصة”. وأعاد البيان تأكيد أن “موضوع الفساد لم يطرح لا من قريب ولا من بعيد في النقاشات التي ‏حصلت، لا لناحية وروده في العقوبة ولا لناحية أي مطالب لواشنطن ‏بخصوصه، بل دارت المباحثات حول التفاهم مع ‏حزب الله والمواضيع المرتبطة به، ولم يكن من موجب للنائب باسيل أن يسأل أو يعتب أو يهتم لنوع العقوبة”. ولفت ‏البيان الى أن فشل السياسة الأميركية حتى الآن في فك التفاهم بين التيار وحزب الله، “على الرغم من كل الضغوط ‏التي مارستها واشنطن عبر السنين، وبالرغم من كل التهديد والترغيب، فإن محاولة دق الإسفين بينهما من خلال بيان ‏إعلامي، يتكلم عن شروط معينة بدل الكلام عن مسار حواري وطني شامل، هي محاولة ظريفة ولكنها لن تنجح بهذه ‏الطريقة حتماً‎”.‎

في موازاة العقوبات الأميركية وما فرضته من تطورات على المشهد الحكومي من ناحية عودة باسيل الى ساحة ‏التفاوض من الباب العريض، زار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يوم أمس، رئيس الجمهورية ميشال ‏عون. ثمة روايتان هنا لما حصل خلال الاجتماع: من جهة تشير المصادر العونية الى أن اللقاء اتسم بالسلبية ‏ربطاً باستمرار الحريري في رفع سقف شروطه وإصراره على تسمية الوزراء المسيحيين، إضافة الى تراجعه ‏عمّا تم الاتفاق عليه بشأن تسمية العونيين، وبالتحديد رئيس الجمهورية، لوزير الداخلية. كذلك الأمر في ما خص ‏وزارتَي الاتصالات والطاقة. ما سبق أسهم في عدم إصدار القصر الجمهوري أي بيان حول الاجتماع، علماً بأن ‏مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل يصل الى بيروت غداً موفداً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في ‏إطار إعادة تفعيل مبادرة الإليزيه، فيما أجواء الحريري تنقض الرواية العونية، وتؤكد إيجابية فائقة في ‏المشاورات الحكومية التي حصلت يوم أمس بينه وبين عون. لا بل تكشف أن رئيس الجمهورية سلّم الحريري ‏أسماء مرشحين اثنين لوزارة الداخلية، ومرشحين اثنين آخرين لشغل وزارة الدفاع. وبالتالي تسير الأمور “على ‏نحو ممتاز، ويفترض أن تصل قريباً الى خواتيمها السعيدة‎”.‎