حاصباني: نفاد الاحتياط سيوقف الدّعم ويُعيدنا إلى العصر الحجري

شرح نائب رئيس الوزراء السابق غسان حاصباني، أنّ “رفع الدعم عن استيراد الفيول يُنظَر إليه من ناحيتين: الأولى وهي حجم التمويل المطلوب لكهرباء لبنان التي تدفعه الدولة، والثانية هي دعم سعر الصرف للإستيراد، إذ كان مصرف لبنان يحاول تغطية هذه النفقات من احتياطه وهو ينفد الآن. وتأمين الدولار من السوق سيخلق إشكالية لأّن شركات الفيول لا تقبل أن تتقاضى المال سوى بالدولار لأن عقودها بالدولار، وبالتالي، سيتسبّب ذلك بانقطاعٍ في الفيول وبالتالي بالإنترنت إذا لم تؤمن الدولارات”.
 
وفق حاصباني، سنصل إلى مرحلة رفع الدعم حكماً، ليس فقط عن الكهرباء، إنّما على الدواء والمواد الغذائية أيضاً لأنّ احتياطي المركزي بالدولار سينفد اذا لم تتخذ إجراءات اصلاحية تساهم في تدفق الدولار الى لبنان.
 
أضاف: “حينها، ستضطر الدولة إلى دفع ثمن الدولار في السوق السوداء لتأمين الدولار لمستوردي الفيول، وسيزيد عجز الدولة لأنّها تدفع بالدولار وتجبي بالليرة، ومصرف لبنان سيكون عاجزاً عن تغطية فرق سعر الصرف، وهنا ستتدهور الأمور لأنّ الطلب على الدولار سيزيد، وسترتفع الأسعار بشكل خيالي، وذلك سيحدث حتماً خلال أشهر قريبة جداً. فنسبة دعم صرف العملة ستنخفض تدريجياً، وصولاً إلى شهر شباط 2020 حيث ستتوقّف كلياً”.
 
“حتى المولدات، سيكون من الصعب تغطية استيراد الفيول لها، فشركات الاتصالات لديها مولدات، “كيف ستؤمّن الدولار لشراء الفيول؟”، يسأل حاصباني، مؤكّداً أنّه “حتى المولدات هذه ستتوقّف وبالتالي توقّف الاتصالات. وقد مررنا بتجربة بسيطة من هذا النوع منذ بضعة أشهر، عندما اضطروا إلى نقل الفيول من محطة إرسال إلى أخرى لإبقاء الاتصالات شغالة، وهناك بعض المناطق انقطعت فيها الاتصالات. لكنّ الآن، سنصل إلى انقطاع شامل في الاتصالات مع غياب الفيول، وإلّا شركات الاتصالات ستضطرّ إلى شراء الدولار من السوق السوداء لشراء الفيول، ما سيرفع سعر الدولار أكثر”.
 
كما يتوقّع حاصباني أنّ نمرّ على الأرجح بأزمة شحّ في الفيول الذي يؤثّر ليس فقط على خدمات الاتصالات، إنّما على كل الحياة الطبيعية الحضارية، لتعيدنا إلى العصر الحجري، ومَن عمله قائم على الانترنت، قد يضطرّ إلى العودة إلى القلم والورقة.
 
وبرأيه، نحن الآن نشتري الوقت، والمطلوب هو تطبيق الإصلاحات التي لا يستغرق تطبيقها أكثر من ثلاثة أشهر بالمرحلة الأولى. يتابع: “من الضروري هنا أن تكون الحكومة الجديدة مستقلّة وفاعلة في إطار تطبيق الإصلاحات بأسرع وقتٍ ممكن، وليس حكومة تنفّذ أجندات سياسية. وخلال الثلاثة أشهر هذه، تتألّف هيئة ناظمة للكهرباء مثلا، وتجرى مناقصة معامل الكهرباء مع شركات عالمية، ودفتر الشروط موجود، فما المانع من القيام بالمناقصة الآن؟ لا شيء يمنع مناقصة معامل كهرباء، فالبنك الدولي جاهز للدعم بأكثر من 350 مليون دولار لتصليح الشبكة للتخفيف من الهدر فيها الآن فوراً وقبل زيادة الإنتاج كي لا يهدر، فما يمنع التنفيذ؟ على الأقل سنعرف ان الحل آت في حال اتخاذ إجراءات استثنائية للاستمرار بالدعم”.