أخرجوا البنزين من بيوتكم! أكتوبر 10, 2020 180 زيارة فؤاد ابراهيم بزي مع كلّ أزمة يدخل فيها اللبنانيون نجد أنهم يحاولون اجتراح الحلول للتغلب على الظروف الصعبة، ولطالما كانت البشرية الآن لا اللبناني فقط تخزن في أيام الرخاء كلّ ما تحتاجه من طعام ودواء وسلاح ومواد قابلة للاشتعال لاستعمالها أيام الشدّة. ولكلّ مادة مخزنة خصائص محدّدة، فالغذاء له تاريخ صلاحية، والسلاح يجب أن لا تصله عوامل التعرية الطبيعية من رطوبة ومياه كي لا يصدأ، أمّا المواد القابلة للاشتعال فهي الأكثر خطرًا، لماذا، لأنها ستدمر كل ما يحيط بها إن اشتعلت في المكان الخطأ. البيت اللبناني المخزن في القرن الماضي تعرّفت البشرية على النفط النعمة والنقمة، فلا يوجد زاوية من زوايا حياتنا إلا ويدخل فيها، وأهمها التدفئة، توليد الكهرباء والنقل، واختلفت المواد النفطية كذلك بحسب استعمالاتها فدخلت مادتي البنزين والمازوت بشكل كبير حياة اللبناني الذي لم يعرف الراحة على مدة قرن من الزمن فلاحقته الحروب والاجتياحات والمعارك الأهلية فأدت في الكثير من الأحيان لحصاره في القرية أو المنزل ما اضطره لتخزين كل احتياجاته من طعام ودواء ومحروقات. من كان منّا ينتمي لقريةٍ جبليّة ذات طقس بارد يذكر تمامًا برميل المازوت الممتلئ في فصل الخريف قبل وصول برد الشتاء لاستعماله في التدفئة، وهذه المادة أي المازوت هي قابلة للاشتعال طبعًا ولكن قليلة الخطر لأنّها ليست من المواد المتطايرة أي أنّ المازوت لا يتبخر على درجة حرارة الجو المحيط (أقل من 40 درجة مئوية) كما أنّها لا تشتعل بشكل انفجاري، فهي معروف عنها في عالم المحروقات أنّها تعطي حرارة عالية ولكن بطيئة الاشتعال، فالموقدة التي تعمل عليها يمكن إشعالها دون خطر يذكر بواسطة عود الثقاب، ومن قام بهذه العملية يمكنه معاينة بطء امتداد اللهب. وعليه، فهي تخزّن في خزانات أقل من عادية بين البيوت وفي الأحياء اليوم، كونها تستعمل في تشغيل مولدات الكهرباء في الأحياء، فلا أبخرة تصدر عنها بشكل مكثف فحرارة تبخرها تبلغ أقله 150 درجة مئوية (بحسب نوعيتها) ما يجعلها قليلة الخطورة لناحية الاشتعال المفاجئ والانفجار. البنزين للتخزين، بعد المازوت أمّا للبنزين فحكاية أخرى، فهو من المواد البترولية الخفيفة، سريعة الاشتعال، المتطايرة أي أنّها تتبخر على درجات حرارة متدنية نسبيًا (40 درجة مئوية) ما يجعلها بالتالي شديدة الخطورة فهي تتحول إلى أبخرة في حرارة الجو المحيط، وما يضاعف الخطورة أنّها ليست بحاجة لشعلة كي تبدأ الاحتراق بل تكفيها شرارة كهربائية صغيرة للتسبب بالكوارث، وهذه الشرارة قد تصدر عن بطارية جوال أو رماد سيجارة أو حتى احتكاك مقبس كهربائي. البنزين يختلف بشكل كبير جدًا عن المازوت، فلا يمكن تخزينه أبدًا في نفس نوعية الخزانات التي تحتوي المازوت بكلّ أمان لأنّه يتبخر ويتسبب في تزايد الضغط داخل هذه الخزانات ويمكنه في حال ارتفاع حرارة الجو أن يفجر هذا الخزان وبالتالي التسبب بحرائق كبيرة، كونه بالإضافة لما سبق يشتعل بسرعة كبيرة جدًا وبطريقة انفجارية معاكسة تمامًا للمازوت، وعليه تقوم محطات التوزيع بتخزينه تحت الأرض في خزانات آمنة من أشعة الشمس والعوامل الخارجية التي قد تسبب إشعاله، فقد تبدو لنا المحطات أماكن بسيطة تكنولوجيًا، ولكنها غاية في التعقيد كي تتعامل بشكل آمن مع هذه المادة وتتمكن من توزيعها بين البيوت فهي تحتوي صمامات أمان تقطع البنزين عن نقاط التوزيع في حال الاشتعال، كما تتصل الخزانات تحت الأرض بمواد كيميائية تمتص الكهرباء كي لا يتسبب أي احتكاك بانفجار مفاجئ. أخرجوا الخطر من المنازل كل ما سبق وأكثر يدفعنا للقول لا تخزنوا المواد القابلة للاشتعال في منازلكم فهي خطيرة للغاية ولا يمكن التعامل معها بالسهولة التي تتخيلون، وإن دفعتنا الأزمات إلى الخوف من المجهول فيجب التفكير لا في وقود سياراتنا بل في حياة أحبائنا. ندرك تمامًا أنّ الطبيعة البشرية الخائفة من كلّ مجهول تدفع اليوم باللبناني لتخزين الطحين، الدواء، الطعام، والوقود في المنازل، ولكن هذه المادة الأخيرة ستحرق كل ما سبقها وتتركنا في حسرات. أخرجوا البنزين من بيوتكم، فالعبوات منتفخة اليوم بسبب الطقس الحار ما أدى لتراكم الأبخرة فيها وهي خطر لا يستهان به، ولا يمكنكم التعامل مع سرعة اشتعاله.