خلايا “داعش” تتحرّك مجدداً على أرض خصبة ومأزومة

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

 لم تكن تلك المرة الاولى التي يشهد خلالها الشمال ليالي حزينة. فتلك البقعة الجغرافية الغارقة في همومها المعيشية نتيجة الإهمال المزمن للدولة لطالما كانت عرضة لعمليات الارهابيين.

فكيف حين تكون ارض لبنان عموماً أرضاً خصبة لذلك، وسط أجواء توتر طائفي وأمني يمكّن أي خلية ارهابية من تنفيذ أعمالها الإرهابية. خلايا تخريبية تتسلل عبر الحدود من سوريا باتجاه لبنان قد تجد لها بيئة حاضنة لكن ليس على النسق الماضي وهو ما بدا واضحاً أولاً من الأعداد ومن ثم في التركيبة التي هي عبارة عن مجموعات صغيرة يتم تعقبها ولها امتدادات في أكثر من منطقة لبنانية.

العنصر المقلق هنا هو تحرك جماعة احمد الاسير أمس الاول في صيدا تحت عنوان المطالبة بقانون العفو. ترفض مصادر مراقبة الحديث عن بعد سياسي له علاقة بالواقع السياسي.

وتستبعد أن يكون تحرك مثل هذه الخلايا مرتبطاً بتمويل دول تريد افتعال مشكل أمني في لبنان من بوابة الشمال. حين وقعت حادثة البداوي قبل أسبوعين تمكّنت كاميرات المراقبة من رصد منفذيها.

وفق التحقيقات اختارت هذه المجموعات بلدة كفتون بوصفها بلدة مسيحية نائية سبق وأن أقام فيها أحد منفذي العملية الذي استأجر منزلاً لمدة ثلاث سنوات.

 بين خلايا “داعش” الارهابية حيث وقعت المواجهة لبنانيون وفلسطينيون وسوريون أتوا من مخيم البداوي، لكن العامل المطمئن في ما حصل ان هذه الخلايا تبدو معزولة بمعنى أن لا جماعات ضخمة تقف خلفها وتنتصر لوقوعها كما سبق وحصل يوم قتل الشيخ عبد الواحد.

ذئاب منفردة خطورتها توافر أرضية خصبة وأجواء فتنوية ومناخ متوتر، تنتقل عبر الحدود غير الشرعية من سوريا وتستمد دعمها من مجموعات قيادية متواجدة في البلدات القريبة من الحدود. 

شكلت حادثة كفتون الشرارة الأولى لتعقب القوى الامنية خلايا ارهابية كانت تعمل على تجهيز نفسها بالسلاح والعتاد، لتنفيذ اعتداءات في مناطق مختلفة من لبنان توافرت لمديرية المخابرات معلومات عن وجودها، من دون دلائل حسية بداية.

ساهمت خلية كفتون في ظهور الخلية الكبرى الى العلن والتي كانت تجهز عناصرها لتنفيذ سلسلة عمليات ارهابية. 

بعد عمليات رصد وترقب اوقفت مخابرات الجيش المدعو إيهاب ش. في مخيم البداوي، ومن خلاله تم التعرف الى مكان تواجد القائد الميداني للمجموعة الارهابية، الذي كان يقود السيارة في كفتون، وهو المدعو خالد التلاوي المتواجد في منزل للمدعو عبد الرزاق ر. في جبل البداوي.

ولدى مداهمة المنزل حصلت مواجهة بين التلاوي وعناصر المخابرات أسفرت عن إستشهاد أربعة شهداء للجيش.

تمكن عبد الرزاق والتلاوي ومعهما أحمد الشامي من الفرار باتجاه الأحراج بين قضاءي الضنية وزغرتا.

تمكنت عناصر الجيش من الوصول الى خالد التلاوي وإلقاء القبض على احمد سمير الشامي وأبو العز الذي يتولى توصيل الاحتياجات اللوجستية للتلاوي.

وهنا تمت متابعة التلاوي في الجرود والتمكن من قتله، وبعدها بعشرة ايام تقريباً تم القاء القبض على سمير الشامي. وبذلك تكون عناصر المخابرات قد تمكنت من قتل اربعة ارهابيين في جبل البداوي وقبلها كان تم توقيف 16 ارهابياً تابعاً للخلية من الناشطين في مجال تأمين المساعدات العملانية واللوجستية. 

بالتزامن، كانت القوة الضاربة في شعبة “المعلومات” تتعقب يوسف خلف الذي هو أساسي في هذه المجموعة مع مدعو آخر هو محمد محمود عزام وآخرين، يؤلفون مجموعة ارهابية يرأسها السوري محمد الحجار فتمكنت من إلقاء القبض على العديد من عناصرها، بينما فر آخرون باتجاه وادي خالد فتعقبتها عناصر “المعلومات” وحصلت مواجهة انتهت الى قتل تسعة ارهابيين عرفت هوياتهم.

وما كادت تنتهي عملية وادي خالد، حتى أقدم الارهابي عمر بريص مع شخص مجهول على محاولة إقتحام مركز كتيبة للجيش اللبناني في عرمان في محاولة لقتل العسكريين المولجين بحماية المركز، ومن ثم اقتحامه وتفجير نفسه في داخله بحزام ناسف كان يحمله وقتل أكبر عدد ممكن من العسكريين، لكن أحد الجنود من حرس المركز تمكن من قتله بعد مواجهة أدت الى استشهاد عسكريين للجيش، فيما هرب الشخص الآخر الذي كان معه على متن دراجة نارية في البساتين.

وتستمر القوى الامنية في تعقبه. اكثر ما تثبته المواجهات التي حصلت ان لبنان مكشوف وامكانية وقوع اي خلل أمني موجودة وتتحسب لها القوى الامنية، فكيف إذا كنا كتلك الأجواء التي نشهدها سياسياً وعلى الارض؟