كتب محمد وهبة في “الأخبار”:
وجّهت جمعية المصارف كتاباً إلى مصرف لبنان تهدّد فيه بأنها ستلجأ إلى الطعن في التعميم 154 الذي يفرض عليها تكوين سيولة خارجية خالية من أي التزامات بنسبة 3% من الدولارات المودعة لديها، والتعامل مع الزبائن المعرّضين سياسياً وإعادة الأموال المهرّبة وضمنها فوائد الهندسات المالية قرّرت المصارف أن تسلك طريقاً ملتوياً في محاولة للتهرّب من تطبيق التعميم الأساسي 154، سواء كان الأمر قابلاً للتطبيق، أم هناك ملاحظات قانونية جديّة تدور حول آليات التطبيق.
فبدلاً من أن تطعن في القرار أمام مجلس شورى الدولة كما اقترح محاميها نصري دياب، وجّهت كتاباً إلى مصرف لبنان دجّجته بسلّة واسعة من الأسئلة تعلم غالبية الإجابات عنها.
هذه المحاولة تعكس أيضاً انقسام المصرفيين حول قبول التعميم أو رفضه. بعضهم يرى فيه خطوة قابلة للتطبيق، وبعضهم الآخر يعتقد أن مصرف لبنان أعلن الحرب عليهم. أمس، سرّب بعض المصرفيين نسخة من الكتاب الذي وجهته جمعية المصارف إلى رئيس المجلس المركزي لمصرف لبنان رياض سلامة.
الكتاب أُعدّ بعد اجتماعات عقدت في جمعية المصارف بحضور محامي الجمعية الذي أعدّ دراسة قانونية يذكر فيها وجود مخالفات في بنود التعميم، ويستنتج بأنه قابل للطعن أمام مجلس شورى الدولة.
رغم ذلك، لم تسر الجمعية في اتجاه تقديم الطعن، بل تركت الأمر لكل مصرف على حدة، إذ جاء في تعميم صادر عن الأمين العام للجمعية مكرم صادر أن المصارف طالبت بالاحتفاظ بنسخة من الكتاب «للاستعمال في حال قرّر مصرفكم مراجعة مجلس شورى الدولة.
وبحسب مصادر مصرفية، فإن أعضاء الجمعية كانوا منقسمين حول التعميم نفسه بين مرحب به، ورافض له.
لذا، اتخذت الجمعية قراراً بأن تمارس الضغط وتهدّد باللجوء إلى مجلس شورى الدولة خلافاً للنصيحة القانونية التي تقدّم بها دياب.
بهذا المعنى، يصبح الكتاب مجرّد إنذار من دون الدخول مباشرة في حرب مع ولي نعمة المصارف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومع المجلس المركزي. لذا، جاء نصّ الكتاب على شكل صيغة تتضمن الكثير من الأسئلة التي تبدو من دون معنى قانوني أحياناً.
التعميم 154 فرض على المصارف «حثّ» عملائها من المودعين والمستوردين لإعادة 15% من تحويلاتهم اعتباراً من أول تموز 2017 ووضعها في حساب مجمد لمدة خمس سنوات، وفرض على أعضاء مجالس إداراتها وسائر الأشخاص المعرضين سياسياً إعادة 30% إلى حسابات مجمّدة لخمس سنوات أيضاً.
أما أسئلة المصارف فقد ترّكزت حول مسألة «حثّ» الزبائن، وموجبات تطبيق الحث وإبراء ذمتها تجاهه، وكيفية تصنيف الزبائن والعمليات التي أجريت ويفترض إعادة قسم منها، والتعامل مع النتائج التي ترتبت على بعض هذه العمليات، كأن يكون الزبون قد اشترى بالمبالغ المحوّلة عقاراً في الخارج، أو أن يكون زبوناً مقيماً في الخارج، أو إقفال الحسابات أو سواها…
كذلك وردت أسئلة تتعلق بتعريف كبار المساهمين والإدارات العليا التنفيذية والأشخاص المعرضين سياسياً، إضافة إلى الضمانات التي يفترض تقديمها للعميل لحثّه على إعادة الأموال، والعقوبات المفروضة على المتقاعسين وآليات الإبلاغ عنهم.حشو الأسئلة في الكتاب، يشي بأن الهدف منه إيجاد مخرج للمجلس المركزي وحاكم مصرف لبنان للعودة عن التعميم، أو إجراء تعديلات عليه لتفريغه من مضمونه الفعلي. فالتعميم، بحسب مصادر رسمية، لا يمكن أن يُقرأ من وجهة قانونية، لأنه «قرار غير عادي يأتي في ظل ظروف غير عادية».
وهو أيضاً تعميم حُدّدت أهدافه في المادة الثالثة منه التي تفرض على المصارف تكوين احتياط حر من أي التزامات تجاه المراسلين يوازي 3% من مجموع ودائعها بالدولار في نهاية حزيران 2020.
هذا يعني أن على المصارف أن تجمع مبلغ 3.4 مليارات دولار من الأموال الطازجة لتعزيز سيولتها.
أما كيف ستجمع هذا المبلغ، فإن الأمر متروك لها ولزبائنها وعملائها في التفاوض معهم انطلاقاً من حصولهم على الدفعة الأولى من فوائد الهندسات المالية في أول تموز 2017، ثم من الأموال التي هرّبت إلى الخارج على أيدي أعضاء مجلس الإدارة وكبار المساهمين وكبار المودعين من الأشخاص المعرضين سياسياً.
المصدر: الأخبار