كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
نظرة استفزاز تطوّرت إلى تلاسن فتضارب بالأيدي فإطلاق نار أودى بحياة أربعة أشخاص، والسبب… الانزعاج من نباح الكلاب! هذا ما حدث في بلدة عشقوت، عام 2016، عندما أفرغ الرتيب في الأمن العام طاني عبود ٢٤ رصاصة في أجساد أربعة أشخاص من جيرانه، منفّذاً مجزرة فيهم، قبل أن يقتل الكلاب التي سبّبت له «الإزعاج الشديد» يومها!
الجريمة التي هزّت البلدة الكسروانية، يومها، لعدد ضحاياها وتفاهة سببها، بيّنت التحقيقات، بعد أربع سنوات، أنها لم تكن وليدة لحظتها، وأن وراءها شكوكاً وعنفاً أسرياً، من دون أن يعطي ذلك المتهم الذي أقرّ بفعلته أسباباً تخفيفية، إذ أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان، برئاسة القاضي محمد وسام مرتضى، حكماً بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحق عبود، بجريمة قتل أربعة أشخاص، وهم كل من جان بول حب الله ووالديه جان حب الله وإيزابيل عشقوتي وأنطوان الشدياق.
عبود، الذي عمل في المواكبة وحماية الشخصيّات والمدرّب على استعمال السلاح والتصويب بدقة، اعترف بإقدامه على قتل المغدورين بإطلاق النار عليهم بعد إشكال وقع بينه وبين جان بول حبّ الله، مبرّراً ذلك بأنَّه كان تحت تأثير نوبة غضب شديد نتيجة تعرّضه لضربٍ مبرّح أثناء التضارب.
وأعاد الخلاف الى «مضايقات» تعرّض لها من آل حبّ الله قبل نحو خمسة أشهر على وقوع الجريمة، منها على سبيل المثال «إقدام جان بول حب الله على إفلات الكلاب» في وجه أطفاله وأهله، إضافةً إلى محاولات المغدور التحرّش بزوجته «مرات عديدة»، فيما أشارت زوجة المتهم ريّان أ.
إلى أنّها كانت عرضة لعنفٍ أسريٍّ، كلاميٍّ وجسديٍّ، مارسه زوجها ضدها بسبب «شكوك غير مبرَّرة» وصلت إلى حدِّ التدقيق في هاتفها «وأخذه معه إلى عمله بهدف رصد اتصالاتها».
وأشارت إلى أنَّ زوجها «كان يشكّ فيها منذ الأيام الأولى لخطوبتهما»، و«قبل حوالى أربعة أشهر من وقوع الجريمة، تطوَّرت شكوكه تجاه المغدور جان بول حبّ الله، الى درجة اتهامها بوجود علاقة تربطها به».
وأكّدت الزوجة في التحقيقات أن «ليس هناك ما يبرّر حصول الجريمة، وأنَّها لا تستطيع تحديد سببها إلا بشكوكه في وجود علاقة بينها وبين المغدور جان بول حب الله»، مستبعدة أن تكون الكلاب وراء ارتكاب الجريمة».
ولفتت الى أنَّ إشكالاً وقع سابقاً بين زوجها والمغدور على خلفية تقديم الأوّل شكوى يعترض بموجبها على تربية الثاني للكلاب في مرأب البناء، ونفت أن يكون جان بول حب الله قد تعرَّض لها يوماً بشكلٍ غير لائق، وأوضحت «أنَّهم لم يتعرّضوا إلى أيّ إساءات من الجيران، إلّا أنَّه كان يتهيَّأ لزوجها أشياء وأشخاص تستهدفه».
بناءً على ذلك، رأى القاضي مرتضى أنَّ «العلاقة بين المتّهم وبين المغدور جان بول حب الله ووالديه كانت معكّرةً بخلافات، أقلّه خلال الأشهر الأخيرة السابقة للحادثة، لأسباب عديدة أهمها:
(1) تربية المغدور جان بول حبّ الله للكلاب في مرأب البناء، وقد تبيَّن أنَّ هذه المسألة كانت موضوعاً لشكاوى عدة ؛
(2) وضع مواد وزيوت على سيّارة المتَّهم وباب منزله، والتي تبيَّن أنَّها كانت بدورها موضوع شكوى جزائية، علماً أنَّ زوجة المتَّهم اعتبرت أنَّ هذا الأخير كان يبالغ بشأن هذه الأمور، ويتّهم بها جيرانه آل حب الله كاستهدافٍ مباشرٍ له، ما يُناقض إفادتها الأوّلية التي أكّدت فيها صحة وقوع هذه الأفعال؛
(3) شكوك المتَّهم حول وجود علاقة بين المغدور جان بول وزوجته لدرجة طلبِه من هذه الأخيرة عدم التعاطي مع جان بول، كما أنَّها تركت منزلها لأربعة أيام لهذا السبب».
وعليه، أصدرت المحكمة حكمها الذي قضى بالأشغال الشاقة المؤبدة، واعتبر مرتضى أنّ عبود «ارتكب جريمة القتل قصداً… ولم تتوافر مبررات حالة الدفاع المشروع»، كما لم يأخذ بحالة العذر المخفف الناتج عن سورة الغضب الشديد، ولم يمنحه الأسباب المخففة، وألزمه بدفع ٧٠٠ مليون ليرة لذوي الضحايا.