تحت عنوان: “حسان دياب يخرج من مدرسة رؤساء الحكومات، فهل يسقط؟”، كتب أنطوان سلامه في “LebanonTab”: تميّزت “اطلالة القصر الجمهوري” لرئيس الحكومة حسان دياب بلغة أتت من خارج مألوف المفردات السياسية التي يطرحها عادة رؤساء الحكومات تقليديا.
فمنذ الرئيس رياض الصلح الذي صاغ بيانه الوزاري في مرحلة الاستقلال، والذي تحوّل الى “ميثاق وطني”، امتازت نصوص رؤساء الحكومات، الشفهية والمكتوبة، بلغة هادئة، حتى ولو غالت في عروبتها التي غلّفت تاريخيا ما يُعرف “السنية السياسية” في لبنان.
حتى في خضم المعارك القاسية، تأييدا لخطي جمال عبد الناصر وياسر عرفات، أبقى رؤساء الحكومات، خطا متوازيا بين التطرف والاعتدال، حافظوا على لغة سلسلة قريبة من اللغة الديبلوماسية في تظهير الموقف المتشدّد.
استطاع رياض الصلح، بأسلوبه الخطابي، أن يمرّر الاستقلال ومن ثم الانفصال الاقتصادي عن سوريا، بروية، محافظا على التوازنات الداخلية، ومحترما الشعورين “المسيحي والإسلامي”.
وتمكّن الرئيس صائب سلام من الخروج من “ثورة الـ58” بلباس “رجل الدولة” مطلقا شعارات لا تزال تشكل ميثاقا وطنيا جديدا مثل “لا غالب ولا مغلوب”، و”لا يقوم لبنان الا بجناحيه”.
وتفرّد الرئيس رشيد كرامي بقلة الكلام واختيار مفرداته في ما يسمى “الأسطوانة” التي غلبت عليها عبارة “المصلحة العامة”.
حتى الرئيس رفيق الحريري الذي غالى سياسيون في انتقاده، في عزّ قوته، لم يخرج عن سياق رؤساء الحكومات في تدوير الزوايا، والرد بهدوء على ” شيطنته”، وترك وراءه الجملة الشهيرة “ما حدا أكبر من بلدو“.
وأجاد الرئيس نجيب ميقاتي في استخراج عبارة “النأي بالنفس” ليحكم في مرحلة صعبة (2011-2014)، محاولاً إيجاد التوازن بين الخط السني الذي عارض حكومته بشكل عنيف، وبين الخط الشيعي الذي حاول امتصاص موقعه، فأنهى رئاسته الحكومة، مختاراً الوقوف في الوسط.
ولن نتحدّث بالتفصيل عن جميع رؤساء الحكومات، خصوصا عن الرئيس تقي الدين الصلح الذي هو “سيد الكلام”، وعن الرئيس شفيق الوزان “المنبوذ سنيا” الذي حافظ على لغة غير مشحونة، ويشكل الرئيس سليم الحص عنوانا في مدرسة رؤساء الحكومات الذين يُسقطون موقفهم المتصلّب في خطاب عباراته ينتقيها بعناية فائقة لتسجيل الهدف، ولا بدّ من مراجعة كتابات الحص، خصوصا في زمن “حكم الحكومتين” للاستخلاص من تجربته ليس فقط في السياسة، انما في صياغة الخطاب السياسي في لحظات المواجهات الكبرى.
حتى الرئيس سعد الحريري، الطري في السياسة، والمتعثّر في الكلام، التزم في نصّه العام، قواعد “مدرسة رؤساء الحكومات” مع تسجيل شطط انفعالي في خطاباته في مرحلة “14 آذار”، لكنّه كان يستدرك ويعود للاستعانة بالقاموس السياسي الذي وضعه من سبقه الى السراي الكبير.
يبدو أنّ الرئيس حسان دياب ابتعد كثيرا عن مدرسة أسلافه.
هذه المدرسة التي تخرّج التصلّب في الموقف في لغة هادئة، وغير انفعالية.
يمكن أنّ الرئيس حسان دياب وصل صدفة لينضم أولا الى “الطبقة السياسية” التي حكمت لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي هذا المجال لا يستطيع أن يغسل يديه من آثام هذه الطبقة، التي كان جزءا منها.
فهو ارتضى الدخول الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعدما تعرّف عليه في لقاء من يتعرّف على موظف، كما تقول الرواية، فنجح دياب في عرض “سيرته الذاتية” ودخل “جنّة الحكم” في حكومة كانت تبحث عن “رجل سني”.
دخل وزارة التربية في ما يُعرف “الحكومة الطرابلسية” التي ضمّت من الفيحاء: نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي، وفيصل كرامي وأحمد كرامي ونقولا نحاس، فدخل دياب إلى قائمة “المعالي” من الباب الخلفي، وأحكام الضرورة.
وتدور المحركات السياسية ليدخل “نادي رؤساء الحكومات” بحكم “الضرورة” أيضا، ليخلف الرئيس الحريري المستقيل.
وها هو اليوم يواجه معارضة سنية أقوى من المعارضة السنية التي واجهها الرئيس نجيب ميقاتي سابقا.
لكنّ الفرق بين الرجلين عميق.
التزم الميقاتي دوما بقاموس راكم مفرداته رؤساء حكومات غير عاديين، في حين أنّ حسان دياب يقرأ خارج الكتاب.
فهل يسقط قريبا في الامتحان؟
المصدر:”Lebanon Tab”