أكثر من إشكالية ترافق الحركات الإحتجاجية في الأيام الماضية ضد القطاع المصرفي أو بعض المصارف، التي تنشط ميدانياً أو قضائياً، والتي قد تتخذها مصارف معينة، ذريعةً للإضراب أو للتوقف عن العمل وبالتالي ضياع ودائع اللبنانيين، خصوصاً وأن بعض الإحتجاجات، والتي ترفع شعارات محقة ضد المصارف التي باتت موضع اتهام على أعلى المستويات، تتناغم في بعض الأحيان مع مشاريع أو سيناريوهات تُطبخ في الكواليس المالية، وتركز على منح رخص لخمسة مصارف جديدة وبالتالي الإطاحة بالقطاع والمصارف والودائع.
وبينما تحذر أوساط إقتصادية مطلعة من خطورة المرحلة المقبلة، والتي تستلزم عملية إعادة هيكلة للقطاع المصرفي لحماية الودائع قبل الدخول في أية عمليات جديدة تفتح الباب أمام مصارف جديدة، وتطيح بالمصارف الحالية، فهي تكشف بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لم يوافق على منح أية رخص جديدة لإنشاء مصارف في لبنان، كون هذه الخطوة تعني موت المصارف “القديمة” المثقلة بالديون وبالتالي الإطاحة بأموال اللبنانيين، لأن المصارف الجديدة ستعمل وفق الأموال الجديدة أو “الفريش”.
ومن هذا المنطلق، تتحدث الأوساط الإقتصادية المطلعة ل”ليبانون ديبايت”، عن أن تعيين حاكم جديد أو تولي نائب سلامة الثاني مهام الحاكمية، قد يمهد ربما إلى “تحرير” الرخص للمصارف الجديدة، وإلى تقسيم القطاع على أركان المنظومة السياسية الحالية أو مكوّنات السلطة الحالية.
إلاّ أن هذه الخطوة دونها محاذير عدة، وفق هذه الأوساط، التي تنبّه إلى أن المصارف الحالية قد تلجأ إلى الردّ بعنف وذلك قبل الوصول إلى هذا الموعد، وذلك من خلال الذهاب نحو الإقفال وليس الإضراب، على أن تضع أصولها في تصرف الدولة والمودعين والتي لن تتجاوز مستوى مليار ونصف المليار دولار، علماً أنها لن تغطي أكثر من واحد بالمئة من قيمة الودائع.
وعن احتمال أن تكون الأهداف المخفية من وراء هذا السيناريو، تنفيذ شرط صندوق النقد الدولي بشطب الودائع، تبدي الأوساط الإقتصادية مخاوف جدية من أن يكون هذا هو الدافع الحقيقي وراء مسلسل الحملات والتحركات والملاحقات، التي تحمل شعارات رنانة للمودعين وتوظف نقمتهم واحتجاجهم الطبيعي ومطالبهم المحقة، بينما تأثيرها الأول والأخير هو نسف الودائع والتخفيف من ديون المصارف التي ستقفل أبوابها في وجه الجميع، وبالتالي تتهرب من ديونها.
كذلك لم تغفل هذه الأوساط الإشارة إلى أن سيناريو الإمساك بالقطاع المصرفي، وإنشاء مصرف خاص لكل فريق في السلطة، يسبق المرحلة المقبلة والتي تحمل عنوان استثمار الثروة النفطية في لبنان، حيث من المتوقع أن يشهد لبنان حركةً مالية واعدة. وبالتالي، تكشف الأوساط عينها، بأن أطرافاً عدة داخلية وخارجية، تتشارك المسؤولية في تنفيذ سيناريو “جهنمي” عبر الضغط سواء قضائياً على سلامة من قبل القضاء الفرنسي أو داخلياً عبر إنشاء مصارف جديدة من دون تنظيم القطاع المصرفي وحماية حقوق المودعين، مع العلم أن الذهاب نحو إعادة الهيكلة قد يقود نحو منح رخصٍ لمصارف جديدة ولكن بعد حسم أوضاع المصارف الحالية، ومن دون المغامرة بأموال المودعين.
المصدر:ليبانون ديبايت