عندما تلتقي أجراس الكنائس مع نفحات التكبير والتهليل،تسقط كل مآرب الفتن ومحاولات الشرذمة المذهبية والطّائفيّة.
صحيح أنَّ نيسان جمع الفصح والولادة المجيدة مع نفَحَات رمضان وروحانيّته،إلّا أنَّ هذا الإلتقاء الّذي يشكّل صورة التوافق الديني والوطني لم يمنع من تبيان صورة الإنهيار الإقتصادي الّذي يطال الجيوب اللّبنانية…
فالمواطن اللّبناني اليوم باتَ يفرح بشهر الصوم، فرحاً مُغلَّفا بالخجل ..
َالخجل من مُتطلِّبات ومُستلزمات الصّوم الأساسية ناهيك عن الطقوس الأخرى الًتي تُقام وتُشتَرى في هذا الشهر .
أسعار باهظة وغلاء فاحش،ومظاهر حرمان وحسرة يعيشها اللّبناني في خضمِّ الأعياد والمناسبات التي يشهدها نيسان ..وكأنّ هذا الأخير أي نيسان يحاول أن يغلّف كل آليات الفرح المجتمعة في أيامه بطعم الكذب…كذبة نيسان المعهودة..أيُحاول القول والبوح أنّ الفرح الذي أعطيكم إياه هو مجرّد كذبة سوداء ستتكشّف عند أول مطبّ وموقف؟!!!..
فعلى سبيل المثال ،تجهيزات العيد من حلويات وملابس تتطلّب ميزانية خاصة لا يغطّيها راتب شهرين كاملين..لذلك حاولَ الكثيرُ من النّاس اعتماد سياسة الإختصار،فالأم التي كانت تشتري لكلِّ فرد من أفراد أسرتها ثياب العيد الجديدة
باتَت تختصر العدد لقطعة واحدة لكلّ شخص..
أمّا عن الحلويات ،فكانت غالباً غائبة طوال فترة الصوم عند غالبية اللبنانيين،فما بالُك على طاولة العيد؟!
وفي حديث أجراه ميدان برس مع العديد من محلات الزينة والشوكولا ،توحدت الإجابات على ارتفاع نسبة انخفاض الإقبال على شراء مستلزمات العيد،إذ أطلعتنا صاحبة إحدى المحال على نسب البيع مقارنة مع السنوات السابقة،فمثلاً كانت هذه الأخيرة تجهز محلّها في أيام العيد بما يقارب ٥٠٠ كيلو من الشوكولا،أمّا في خضمّ الأزمة انخفض الإقبال لدرجة وصلت إلى تجهيز المحل خاصّتها ب ١٠٠ كيلو فقط ..
عيّنة من عيّنات العيد تستوجب استحضار لحال اللّبنانيين العصيبة ،فهل سيظلّ اللّبناني للسنة الخامسة على التوالي يردّد في قرارة نفسه:عيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيد.؟!.وهو الذي كان يحبُّ الحياة بكلّ تفاصيلها..لا بل كان نبض الحيوية ومثال العيش المتكامل لكلّ العرب ؟
و في حضرة الحديث هذا ، تستوقف قلمي مقولة “إنَّ كثرة الضحك تميت القلب؛ فكيف اذا اجتمع الضحك حدّ البكاء على واقع مرير مليء بالغضب..بالغضب والأسى وقسوة القلّة…
رشا حسين ميدان برس