ألسِنة ذات لهب!!

تختلف الأديانُ السّماوية في طُرُقِ عباداتها،فلكُلِّ دينٍ تعاليم ووجهة صلاةٍ خاصة؛إلّا أنَّ المشترَك في صيغتها هو عبادة إلهٍ واحد، خالق الكون والنّفس، وشيئيّة الوجود بكليّتها.
إلهٌ واحدٌ خُطَّت في كتبه المقدّسة تعاليم إنسانية، اتّحدت جميع الأديان على تنفيذها ، وحثّتِ العباد على
العملِ ضمنها.
أمورٌ كثيرة تلك الّتي تساوت في زرعها الأديان ؛ولكن مقالنا اليوم ،سيتناول ظاهرة خطيرة مؤلمة، حيث ما تمَّ استثناء بقيّة التعاليمِ إلّا لملاحظة ظاهرة الاستفحال الرّهيب لها.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ ﴾ [سورة الحجرات١١
“اَلْجَوَابُ اللَّيِّنُ يَصْرِفُ الْغَضَبَ، وَالْكَلاَمُ الْمُوجعُ يُهَيِّجُ السَّخَطَ[سفر الأمثال] قد باتَ واضحاً بعد استعراضنا لآيتين من كتابين مقدّسين،الظاهرة الّتي قدّمناها آنفاً،فالتنمّر ظاهرة مؤذية متمركزة جدّاً في مساحات الأطفال تاركةً خلفَها ندوباً في المشاعر، وأحاسيس مُهمَّشة تكبُر مع الطّفل فينمو، ويكبر مستذكراً محاولاً.

محاولاً؟؟ لماذا؟؟
لإثباتِ العكس طبعاً،تبقى صيغ التنمّر والعبارات الّتي سمِعَها قلبُه كامنة في مسامع روحِه،فيعملُ جاهداً لإثباتِ النقيض،بالإضافة إلى محاولاته وتخطيطه لإبراز نفسه كشخصيّة تستحقُّ الحب والاحترام .
لم يتوقف أثرُ التنمّر فقط على تفعيل خاصية الهشاشة للهرم النفسي لشخصيّة الطفل الآنيّة والمستقبلية،فقد استيقظت مدامُعنا قبل أربعة أيامٍ على خبر وفاة الطالبة المصرية  “رودينا أسامة” والّتي سلّمت الرّوحَ جرّاء أزمةٍ قلبيّة اعترتها، بعد ما قامت صديقتُها  في المدرسة بالتنمّر عليها
إذ نعتتها  بالقبح وأنها من مستوى غير ملائم لها ولصديقاتها
فوصلت المنزل باكيةً شاكيةً ثمَّ سقطت أرضاً،سقطت لتبلغَ الجميع أنَّ التنمّر ما هو بكلمةٍ عابرة ،ما هو بتسلية،سقطت لتخبرَ الجميع أنّ التنمّر قد يحيي الموتَ في جثّتي المتحركة ،فيبقيها ساكنة ساكتة للأبد!!
كُتبَ المقالُ هذا بعد حدوث هذه الفاجعة؛ أي بسبب حدوثها.لم يكن بمقدورنا أن ننسحبَ ونغفلَ عن ذكر ما حصل،عسى أن تكون الحادثة عبرة لأرباب الأُسَر قبل الأولاد،فالتربية السليمة_للأسف_ أصبحت مقرونةً اليوم
بعجائب الحرّيات.
ها قد عرّّفَ “ميدان برس” مفهوم التنمّر عن طريق حادثة الفتاة،ما يدفعنا كقرّاء إلى استنباط الحلّ الكامن بين السّطور ؛فسِمَةُ الجاهلِ التّجاهل _ولا شكَّ_ أنّ المتنمّرَ شخصٌ ضعيف الثّقة بنفسِه ،فيُملي سيطرتَه على من يجده أقل منه قوةً، مما يساعده في تحقيق شعور الغبطة والاستمتاع لعذاب المتنمَّر عليه!!..
التنمّر ظاهرة ساديّة المنشأ،سِمَتُها النّقص،علاجُها التّجاهل في الدّنيا، والويل في الآخرة..
نعم،أوديةٌ من نار كفيلة أن تلقّنَ المتنمِّر درساً في الندم والإقلاع!!
فويلٌ لكلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة.

رشا حسين ميدان برس