كيف حالُكَ؟
“روتين”
جملة مُتداولَة نابعة من شهيق صارخ وزفير متقطع ،تحملُ في طيّاتِها الغضب الصّامت،والقهر الدّفين،والّذي يُعَبَّر عنه عن طريق تأفّف جسد ،وتعب روح.
الرّوتين اليومي قادر على إدخال الفرد سجن التعود والإعتياد ،لا بل والإنقياد لعادات كانت لا تشبهه ،ولكن الآن باتَت كذلك.
ما الحلُّ ؟؟ ما الحلُّ لأزمة التّكرار،ومحاكاة ذاتية الأشياء وباطنها يومياً؟
الحل يكمن من وجهة نظر علمية نفسية في بسط مفهوم اليقظة.
“اليقظة”مفهوم قائم على الانتباه والتركيزعلى تفاصيل الأشياء ضمن لحظتها الآنيّة.
كم نحن بحاجة إلى استثارة هذه الخاصية القابعة في عقل كل واحد منّا؟
وكم لليقظة دور في نهضة المجتمعات والأسر والأفراد ،وكم هي بحاجة دول العالم القابعة تحت سطوة العيش المرير،كوطننا الحزين لبنان إلى مثل هذه الٕاستثارة؟!
فنحن- كلبنانيين -في أمسِّ الحاجة إلى مثل هذه الاستشعارات ،حيث الفضاء اللبناني زاخر بسلبيّة الرؤية ،والكآبة تحطُّ رحالها في كلِّ زواية ،ورغبة النهاية والخوف يتصارعان في باطن كلِّ نفَس.
ماذا لو استشعر اللّبناني مفهوم اليقظة في ارتداد نسمات الهواء التي تلفح وجهه المعجون بالهمِّ والتفكير؟
استشعار اللّبناني لمفهوم اليقظة في ظلّ أزمات متتالية خانقة،تجعله يستحضر الامتنان،ولذّة العيش مهما كان العيش مُرّاً.استشعارُها من قِبَلِه تدفعه إلى نسيان الغد، والتفكير فقط في سبك تقديس صورة ‘ الآن’،وعدم الانجرار وراء ماضٍ مُعاش في حاضر لحظاتِه .
عدمُ عيشِ الغد في” الآن”،وعدم عيش الماضي في الحاضر،من مُسبّبات الابتعاد عن القلق المبكر،والتنبّؤ بما يُسيء لمفهوم السعادة..
اليقظة ما هي إلّا سياسة عقلية ذهنية نابعة من رغبات روحية تهدف أوّلاً وآخراً إلى تحرير مفهوم التّقبُّل من مكبِّلات التّذمّر والشكوى.وكثيرة هي الأساليب المعتمدة في ذلك وفي تحقيق اليقظة النفسية او جزء منها على الاقل، لأن حالة اليقظة النفسية التامة تحتاج الى تدريبات وتقنيات.ومن هذه التقنيات، التنفس والتأريض والاتصال بالأرض عبر السير حافيا والتأمل الاسترشادي وتلوين الماندالا….
تقبُّل المحيط في مفهوم اليقظة للفرد اللبناني ،قد يجعل العامّة من الناس تصبُّ جملة انتقادات ،وذلك لرفضهم سياسة تقبل واحترام الواقع المعاش،ما نودُّ قوله، إنّ التقبُّل يزيل السّخط النفسي،واليقظة قد تلغي مفاهيم خطيرة مثل الانتحار ومتلازمة القهر المستمر.
مفهوم اليقظة مفهوم ساطع قاس ،قسوته تكمن في تحويل الأشياء التي نراها عادية بديهية إلى ابتسامة مرنة ممتنة وواثقة.هي قاسية كالحجاة لا تتفتّت،هي قاسية في ليونتها،في شدّة ليونتها!!!
رشا حسين ميدان برس