ما تأثير الهزات الأرضية على المياه الجوفية والسطحية ومياه الشرب؟

تقرير البروفسور صادق عواد – أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية في علوم الأرض والمياه.

١٣ شباط ٢٠٢٢

 

“إحذروا جفاف آباركم أو تفجرها بعد الزلزال……إبتعدوا عن أماكن خروج مياه الينابيع السطحية وعن ضفاف الأنهار” …. هكذا إستهل عواد تقريره.

 

إن الحركات التكتونية للصفائح وتصدع القشرة الأرضية الناتج عن زلزال هي المسبب الأساسي لجفاف المياه الجوفية في العديد من الآبار كما أن تفجر المياه الجوفية من آبار قد طغى عليها الجفاف منذ سنين هو أمر واقعي أيضا.

 

ذلك يعود إلى تموضع جديد للطبقات الصخرية التي تمتاز بمرور فالق أو انكسار أرضي قديم أو حديث قد نتج عن الزلزال الجديد، بحيث أنه من الممكن ونتيجة هذا التحرك أن تحجب المياه جوفيا عن أماكن كانت تعتبر مصادر تغذية لهذه الآبار مما يؤدي إلى جفافها أو أقله إضعاف مصادر تغذيتها بالمياه، كما أن بالمقابل فإن حجب المياه عن هذه المواقع الجوفية قد يؤدي إلى تغير مسارها جوفيا وتوجهها نحو أماكن قد طغى عليها الجفاف منذ سنين مما يؤدي إلى تفجر مياهها من جديد وذلك يعود إلى فتح تشققات جوفية جديدة عملت على تغذية مسام هذه الصخور وفتحها، كما أنه من الممكن أيضا أن تتدفق المياه من فوهات بعض الآبار بشكل تلقائي ومن دون عملية ضخ لها بواسطة المضخات الصناعية.

 

ونتيجة لتجارب ودراسات عملية على أرض الواقع وبعد خبرة 18 عاما في إستراتيجيات المياه الجوفية والتنقيب عنها وبعد متابعة لأحداث مماثلة قد حصلت في سهل البقاع ومنطقة الجنوب وغيرها من المناطق في لبنان والتي أتت نتيجة للإهتزازات الأرضية التي بدأت بنشاطها الملحوظ منذ حوالي الخمس سنوات تقريبا، فالدعوة اليوم للمزارعين اللبنانيين بمتابعة حالة آبارهم والتأكد من الوضع المائي (وجود للمياه من عدمها، مستوى المياه الجوفية بها، عكرتها ونسبة صفائها وتغير بالخصائص الفيزيوكيميائية) والوضع التقني (تدهور في حيطان البئر وتسبب بردمها) بأقرب وقت ممكن قبل مجيء موسم الري والحاجة الطارئة لمياه هذه الآبار.

 

كما إن علاقة الهزات الأرضية بالمياه الجوفية واندفاعها نحو الآبار وثيقة ومؤكدة، فإن حركية الأرض والزلازل تخلق فجوات تجعل الفرشة المائية تجد طريقها إلى السطح وهذا ما يؤدي إلى تقوية أو تجفيف مصادر المياه المغذية للعديد من الينابيع السطحية كما إلى تفجر للمياه السطحية على شكل ينابيع جديدة تظهر فجأة. إن ازدياد التغذية المفاجئ للمياه السطحية قد يؤدي إلى فيضان مياه الأنهار بشكل مباغت وخطير أيضا. لذلك أنصح اللبنانيين بالابتعاد عن ضفاف الأنهار والتي قد تجاوب بعضها سريعا مع الهزات الأرضية الأخيرة وذلك عبر ارتفاع منسوبها وذلك قد تأكد عبر متابعة شخصية مني لقوة دفق ومستوى مياه نهر العاصي في منطقة الهرمل منذ حدوث الاهتزازات الأخيرة.

 

كما أنه من الممكن للاهتزاز الشديد أن يؤثر على تدفق الرواسب من المنطقة المحيطة بالأنهار، وقد يكون هناك خطر إضافي من التلوث الجرثومي في إمدادات المياه الخام.

 

لكن إحدى كبرى المشكلات التي تهتم بها الدول عادة بعد الزلازل هي فحص كل جوانب البنية التحتية، إذ يمكن أن تحدث تأثيرات أكثر خطورة على جودة المياه عندما تتسبب الزلازل القوية في إتلاف خطوط الصرف الصحي أو خطوط الغاز، مما قد يؤدي إلى صرف الملوثات في مياه الشرب.