حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان يحيي ذكرى الحركة التصحيحية في سوريا

دعا الأمين العام ل”حزب البعث العربي الإشتراكي” علي يوسف حجازي إلى “الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية بمواصفات وطنية، ليست معرابية ولا عوكرية، رئيس يؤمن بمعادلة ال جيش والشعب والمقاومة، ويعبر عن موقف واضح وصريح من التطبيع، رئيس لا يكون استفزازيا ولا يكون مرشحا تحديا، ومن ثم تسمية رئيس حكومة إصلاحي يملك الجرأة، على اتخاذ القرار بالتواصل المباشر مع سوريا، والعمل على إصلاحات حقيقية تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة التي انهارت، وتجد حلولا سريعة للمشاكل الاقتصادية والمعيشية”.

 

جاء ذلك خلال احتفال حاشد أقامه الحزب لمناسبة الذكرى 52 للحركة التصحيحية في سوريا، في قاعة تموز في بعلبك، بمشاركة النائبين غازي زعيتر وينال صلح، وحضور الوزير السابق الدكتور حمد حسن، النائب السابق كامل الرفاعي، مفتي البقاع الشيخ خليل شقير، رؤساء بلديات واتحادات بلديات، وفاعليات سياسية ودينية واختيارية واجتماعية.

 

واعتبر حجازي أن “الحركة التصحيحية بنت سوريا القوية الصامدة، التي عاشت مرحلة من الرخاء والازدهار، فهذه الحركة أمنت لسوريا وشعبها اقتصادا قويا، فلم يعانِ الشعب السوري في الطبابة ولا في التعليم ولا في البنى التحتية، ولا في المؤسسات، ولا في السدود والمياه والكهرباء، ولا في الأمن والاستقرار. لقد اسهمت الحركة التصحيحية في بناء سوريا قوية، وهذه القوة هي التي أسهمت في صمود سوريا بعد انطلاق الحرب الكونية عليها منذ عام 2011، لأن البعض اعتقد ان في سوريا كما في بعض أنظمة التطبيع والخنوع، دولة كرتونية، ولكن سقط من حسابه ان في سوريا قائد اسمه بشار حافظ الأسد، وجيش عربي أسسه القائد الخالد حافظ الأسد، لا يدخل في قاموسه لا الخيانة ولا التردد ولا التراجع، وانتصرت سوريا في أعتى حرب كونية ممكن أن تستهدف دولة عربية، وقد تكون هذه الحرب لا سابق لها في تاريخ هذه المنطقة. صمدت سوريا في وجه 89 دولة، وخزائن مال، ومستودعات سلاح ونهج تكفير وتحريض مذهبي وطائفي، ولا بد من توجيه التحية إلى شهداء الدفاع المقدس، شهداء حزب الله الذين ارتقوا في معركة الدفاع عن سوريا، وثبتوا شراكة الدم بين الجيش العربي السوري والمقاومة في لبنان والكثير من الحلفاء”.

 

وأردف: “كان أيضا من نتاج الحركة التصحيحية، حرب تشرين التحريرية التي أعادت لهذه الامة الأمل، وأسقطت لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي مقولة ان اسرائيل لا تقهر، كما وضعت سوريا في موقعها الطبيعي إلى جانب كل حركات المقاومة في المنطقة من لبنان إلى فلسطين. ونحن جميعا ندرك أن سوريا اليوم تدفع ثمن وقوفها إلى جانب حركات المقاومة، وندرك أيضاً أنه لو قبل الرئيس بشار الاسد بالعروض المقدمة إليه وفيها شرط أساسي بالتخلي عن حركات المقاومة، لما حصل ما حصل في سوريا، ولكن ليست سوريا ولا القائد بشار الأسد الذي يختار الخنوع على المواجهة”.

 

وأضاف: “من نتاجات الحركة التصحيحية ما قدمه الجيش العربي السوري من تضحيات في لبنان أسهمت في الحفاظ على وحدة أراضيه وترابه وأوقفت الحرب الاهلية”.

 

وتابع: “للمتذكرين اتفاق الطائف، قد تكونون أنتم من استقبل المؤتمرين في الطائف، ولكن عليكم أن لا تنسوا ان سوريا قدمت 14 ألف شهيد في سبيل تحقيق السلم الاهلي في هذا البلد، وسوريا أسهمت بصمودها وقتالها منذ العام 2011 بإسقاط مشاريع التقسيم والتفتيت وتحويل المنطقة إلى مربعات مذهبية وطائفية، وسوريا اسهمت بصمودها في منع استكمال مشروع التطبيع الذي انطلقت شرارته الأولى منذ 15 آذار 2011، لأن المخططين والزاحفين يدركون جيدا ان سوريا هي حجر العثرة الأساس أمام هذا المشروع الاستسلامي، لانها كانت دائما وأبداً وستبقى قلب العروبة النابض”.

 

وتوجه إلى الذين شاركوا في قمة الجزائر: “أنتم لم تتشرفوا بمشاركة سوريا، لأن مشاركتها كانت ستعطي قيمة أساسية، فلا عرب ولا عروبة بدون سوريا، وحتى تستحق تسمية قمة، تحتاج القمة إلى نسر، ومن دون حضور الرئيس الرفيق بشار الأسد ليس في القمة أي شيء من معنى الشموخ”.

 

وفي الملف اللبناني، رأى أن “الإنجاز الحقيقي الذي تحقق، تمثل بحفظ ثروة لبنان النفطية في اتفاق ترسيم الحدود البحرية، وهو اتفاق الضرورة، ولم يكن ليحصل لولا المقاومة ولولا مسيرات المقاومة وسيد المقاومة، ولولا قوة المقاومة في لبنان. هذا العدو كان يتوهم أنه يستطيع أن يحتل الدول العربية بفرق موسيقية، ولكنه اليوم يدرك جيدآ ان سرقة ثروة لبنان النفطية كادت تجر المنطقة إلى حرب هو ليس مستعدا لها، ولا يعرف ما تخبئه المقاومة من مفاجآت ستصنع تحولا تاريخيا في مسار الصراع العربي الاسرائيلي”.

 

وأردف: “لقد تميز الموقف الرسمي اللبناني بوحدته في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية، ونوجه التحية أيضاً إلى دولة الرئيس نبيه بري الذي فاوض طوال 9 سنوات في سبيل تحقيق هذا الاتفاق”.

 

وتابع: “نحن نجحنا بفضل المقاومة ان نفرض اتفاقا يضمن حق لبنان في نفطه. وسؤالنا لأصدقاء أميركا، مع التشكيك بأن امريكا لديها أصدقاء، عادة يكون عندها عملاء او أخصام، فالولايات المتحدة الأميركية تعترف اليوم وبشكل واضح وصريح أنها تحاصر هذا البلد، وأنها هي التي تمنع وصول هبة الفيول الإيراني، وعقوباتها تؤخر وصول الغاز المصري وربط شبكة الكهرباء بين لبنان والأردن، نحن استطعنا أن نمون على حلفائنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحصلنا على هبة فيول مجانية تضمن للبنان تغذية 10 ساعات كهرباء، والدولة اللبنانية حصلت على موافقة سوريا على ربط شبكة الكهرباء الأردنية بشبكة الكهرباء اللبنانية عبر سوريا، ولو كان يفترض أن يكون هذا الطلب من حكومة إلى حكومة. أما أنتم يا حلفاء وأصدقاء الولايات المتحدة الأميركية هل تستطيعون أن تمونوا على حلفائكم لفك هذا الحصار ام أنكم غير قادرين على ذلك؟”.

 

وقال: “للذين استفاقوا فجأة على اتفاق الطائف، وتناسوا أن اتفاق الطائف لا يتجزأ، اتفاق الطائف ينص على العلاقة الأخوية والمميزة مع سوريا، ويمنع ان يكون لبنان نقطة انطلاق لاستهداف سوريا، وهو ينص أيضا على تحرير كامل الأراضي اللبنانية، فكيف السبيل إلى التحرير؟ أليس بالمقاومة؟ فكيف يكون هذا الاجتماع من دون أن تمثل قوى المقاومة. واتفاق الطائف يدعو إلى إلغاء الطائفية السياسية في حين ان الجهة الداعية تقدم نفسها على أنها الوكيل لطائفة، واتفاق الطائف أيضاً يتحدث عن قانون انتخاب مختلف عن هذا القانون. على رعاة هذا الاتفاق الذين غيبوا فريقا لبنانيا وازنا ان يدركوا جيدا أنكم من دون حضور ومشاركة هذا الفريق لا تستطيعون فعل أي شيء، لأننا نحن المنتصرون ولأن محورنا هو الذي انتصر، ولأنكم أنتم الذين انهزمتم في سوريا والعراق واليمن، وبالتالي نحن الذين نضع الشروط، ونحن من يوافق او لا يوافق، وشراكتنا هي حق بقوة الانتخابات النيابية الأخيرة، ولا تستطيعون تغييبنا، أو المجيء بأحد يدعي تمثيلنا”.

 

واكد أن “الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلى حلول، ومن دون حوار لا يمكن في هذا البلد ان نصل إلى حل، وبالتالي الشروط من قبل البعض للجلوس على طاولة الحوار تبدو لنا مستغربة، لا سيما وان الناس لم تعد تحتمل هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وبالتالي من لا يريد ان يشارك بالحوار عليه أن يجيبنا ما هو البديل؟ التصادم، الخصومة، أم تأجيل الحوار؟”.

 

واعتبر ان “نتيجة الحوار الأولى يفترض ان تكون الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية بمواصفات وطنية، ليست معرابية ولا عوكرية، رئيس يؤمن بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، ويعبر عن موقف واضح وصريح من التطبيع ومشاريع التطبيع، رئيس لا يكون استفزازيا ولا مرشح تحدي. وبالتالي فإن بعض الترشيحات او المرشحين الذين يصوتون لهم في الجلسات التي تعقد في المجلس النيابي، إنما هي ترشيحات للحرق، وهم يدركون جيدا أنها لن تصل إلى نتيجة، ومن ثم بعد انتخاب رئيس للحمهورية تسمية رئيس حكومة إصلاحي يملك الجرأة، بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، على اتخاذ القرار بالتواصل المباشر مع سوريا، حكومة إلى حكومة، وهذا فيه مصلحة بالدرجة الأولى للبنان. هذه الحكومة يفترض ان تدفع أيضا بإصلاحات حقيقية تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة التي انهارت، وتجد حلولا سريعة للمشاكل الاقتصادية والمعيشية، لا سيما أننا على أبواب فصل شتاء قاسٍ، ونحن في هذه المنطقة العزيزة نعلم ما يترتب على كل بيت وعلى كل رب أسرة في فصل الشتاء”.

 

ودعا الحكومة المقبلة إلى “التفاهم مع المجلس النيابي ورئيس الجمهورية لإقرار قانون عفو عام ينهي هذا الملف، على قاعدة ان الدولة ليست قادرة على ان تحاكم وليس لديها سجون، مع ضرورة الانتباه إلى مسألة تأجيل الجلسات لمدة 10 أشهر وسنة، وهذا غير مقبول”.

 

واعلن حجازي أن “قطار البعث قد انطلق، والوقوف بوجه هذا القطار لن يجدي نفعاً، وكل التهديدات التي نسمعها لن تؤثر ولن نقيم لها وزنا، بعد احتفال بعلبك، اليوم في برج حمود، والأحد صباحاً في عكار، وبعد الظهر في البقاع الغربي، ويوم الجمعة القادم في عرسال، والسبت في الجنوب، والأحد في بيروت، والثلاثاء في طرابلس، والخميس في إقليم الخروب، والأحد في الهرمل، هذه هي احتفالات حزب البعث العربي الإشتراكي بمناسبة الحركة التصحيحية، وفيها إعلان واضح وصريح أن كل المحرمات التي رفعت في وجه حزب البعث في المرحلة التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد سقطت إلى الأبد”.

 

وختم حجازي: “نحن حزب جماهير وفلاحين وكادحين، سنحضر أينما نريد ووقت ما نريد، مستندين إلى شجاعة رفاقنا، وفي قاموس البعث لا تراجع ولا خوف ولا جبن، نحن نملك قرارنا، سنحضر في كل الاحتفالات القادمة لنعلن عودتنا إلى الحياة السياسية والجماهيرية، رافعين راية العروبة، راية فلسطين التي ستبقى قضيتنا المركزية، مذكرين أننا حزب الشهداء والاستشهاديين، لا نهاب أي تهديد ووعيد، وكما صمدنا في سوريا سنصمد في كل ساحة ولن نهرب من أي مواجهة. وبعد الانتهاء من هذه الاحتفالات، ستكون لنا خطة تنظيمية نعيد فيها بناء المؤسسات الحزبية المتماسكة المتراصة، متجاوزين فيها كل العقبات والأخطاء السابقة التي أسهمت في مرحلة من المراحل في إضعاف المؤسسة الحزبية”.

 

زعيتر

 

بدوره قال النائب زعيتر: “يحضر اليوم في هذه الذكرى أداء وجهاد الرئيس الخالد حافظ الأسد، نستكشف أكثر فأكثر الأسباب الكامنة وراء الحرب الانتقامية التي شنت على سوريا، فهذه الحرب كانت ثأرأ مما أرساه الرئيس حافظ الأسد ووقف امينا عليه، وحاملا ذات المشعل ومتنكبا ذات الحمل والرسالة الرئيس الدكتور بشار الأسد. هذه الحرب هي رد على المنجزات والإسهامات السورية في مجالات المقاومة المنتصرة على العدو الإسرائيلي من جولان التحرير في تشرين إلى لبنان في كل محطات مقاومته التي كانت سوريا الظهير والداعم وخط الإمداد والشريك في تحمل

العبء والانتصار، والحرب على سوريا انتقام من الخيارات التحالفية لسوريا مع الدول والشعوب الداعمة للمقاومة ولقضية فلسطين، وفي مقدمة دول هذا المعسكر تقف الجمهورية الاسلامية في إيران، والحرب كانت تدميرا لما أنجزه التصحيح في العلم والبناء والاقتصاد والسياسة، لأن الأعداء غاظهم هذا المارد، بل هذا السيف الدمشقي الذي عمل حامله على التأسيس لقيامة العرب من كبوتهم ووضع حدا لغطرسة المشروع الصهيوني في المنطقة”.

 

وأعرب عن اعتقاده ان “الروح التي تختزنها صدور السوريين، والدماء التي تجري في عروقهم، وأن عزمهم وإرادتهم بالسير خلف قيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد ستعيد سوريا إلى ما كانت عليه من دور وموقع، وتعود الراية مهما ضلت الطريق إلى قاسيون مؤذنة بانتهاء الحرب الفتنة، وتعود دمشق منها المبتدأ وفيها الخبر”.

 

وختم زعيتر: “البدع الدستورية حول نصاب انتخاب رئيس الجمهورية التي يستنبطها البعض فعليهم ان يطمروها كما حاول البعض طمر نفايات مشعة وسامة في جرود نحلة وانتهت”.

 

صلح

 

واعتبر النائب صلح أن “الحركة التصحيحية كانت نقطة تحول في تاريخ سوريا وفي التاريخ العربي الحديث، وكرست الاستقرار والتنمية في سوريا، ونقلتها من مراحل التخبط والفوضى، الى الاستقرار والبناء، ما مكنها من أن تصبح دولة قوية وأصبحت رقما صعبا في كل المعادلات وعلى كل المستويات. كما شكلت تحولا استراتيجيا بالمعنى النوعي في تاريخ سوريا المعاصر، وجسدت قواعد جديدة لدولة القانون المؤسساتية، وحققت جملة من الانجازات الوطنية في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والسياسية، وارست معادلات جديدة في مفهوم الصراع العربي الصهيوني، عنوانه المقاومة وعدم الاستسلام والتمسك بالحقوق العربية كافة، توجت بالانتصار التاريخي في حرب تشرين التحريرية في مواجهة العدو الصهيوني الغاصب”.

 

وراى ان “ما قام به الرئيس الراحل حافظ الأسد من دعم للمقاومة في لبنان لا يمكن الا ان نمر عليه لنتذكر ونحن في رحاب يوم الشهيد كيف امتزج دم شهداء الجيش العربي السوري مع دماء شهداء المقاومة في لبنان، ودماء شهداء الاخوة الفلسطينيين. ولا يمكننا الا ان نتذكر دعم سوريا الأسد للمقاومة على مر المراحل والتي أنجزت الانتصارات تلو الانتصارات، وغيرت في المفاهيم الموروثة فتحول الجيش الذي لا يقهر الى جيش مهزوم، لتأتي من بعدها الانتصارات حتى بدون ان نطلق طلقة واحدة واتفاق الترسيم خير شاهد على ذلك”.

 

وأضاف: “نحن في لبنان آمنا بوحدة المسار والمصير مع سوريا، لأننا في مواجهة واحدة مع العدو الصهيوني، ولأننا معا رفضنا ان نتخلى عن قضيتنا المركزية فلسطين”.

 

وأشار صلح إلى أننا “نعاني اليوم في لبنان من أزمة حكم تتجلى بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وفي ظل حكومة تصريف أعمال مستقيلة، ونحن نؤكد مجددا ان يدنا ممدوة إلى الجميع للتوافق على اسم رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة قادرة على وضع الحلول الملائمة لحل المشاكل والصعوبات الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية التي يعاني منها بلدنا وغالبية اللبنانيين”.

 

وانتهى الاحتفال بقسم اليمين لمئات المنتسبين الجدد إلى صفوف الحزب.