“ورأيتُهم مالوا عنّي ،فعرفتُ أنَّ العيبَ من فراغِ الجيب”..
هي مرتكزاتٌ يقومُ المجتمعُ على أساسِها،إلّا أنّها تُعتبر مرتكزات خفيفة الفكر ،ثقيلة التّطبيق على القلوب..
المالُ سيّدُ الموقف،هو الحاضرُ بقوّة في السّاحات الإجتماعية،والحياتية..
ِالكلُّ يلهثُ متعَباً منهكاً منهمِكاً، ليحصلَ على حفنة دنانير،ليعيشَ ضمنَ المستوى المطلوب وفق المعايير الّتي وضعتها منظومةُ الأفكار السّائدة..
َّفقيرُ الأخلاقِ غنيُّ المال ،محجوبٌ عنه العيب،فلا ذم لسلوكه،وغنيُّ الأخلاق فقيرُ المال، لا مديحَ لِسماتِه.
رغم كلِّ الصّعاب الّتي نمرُّ بها ،إلّا أنَّ المظاهرَ المتزلّفة الخادعة باتت تطغى على العقول ،وكأنَّ الفقرَ باتَ عيباً أو يُخجِل المرء لمجرّد التّلفظ به.
فالمالُ هو صورة القرب من النّاس،إن كانت الجيوب ملأى،هو معيار للقبول،و طالما أنّ الشخص فارغُ الفلس ،فهذا ما يدفع الآخرين للتعامل معه بطريقة تختلف عن الغني.
إنَّ الجشع القابع في أرضيّةِ النّفوس ، دفعَ بالكثير للتّخلي عن مبادئ أخلاقية لا تقبل المساومة،فمملكةُ المالِ المرسومة داخل الأذهان ، دفعت بهؤلاء إلى القيام بأعمالٍ منافية للمسلّمات الخُلُقية،و في النهاية تحلُّ الكارثة ،ويتمُّ حصاد الزرع الفارغ والسّنابل الخالية من الحبّ.
حيتانُ المالِ تُفتح لهم أبواب الدّنيا على مصراعيها،وتُرفع لهم القبّعة،هم واجهة المجتمع وإن كانوا فارغي العقل والفكر ،فالثقافةُ بآفاقِها الواسعة تُلغى أمام حضرة الجبروت ،..
سطوةُ المال قادرة أن تطحنَ لينَ القلوب،قادرة أن تغيّر النّفوس،قادرة أن تصلَ بزعامتِها حدَّ الإجرام العقلي والعاطفي..
ٌطبعاً،نحن نتحدثُ بناءً على مفهوم الأغلبية ،وكما هو معلوم أنَّ لكلِّ قاعدةٍ استثناء،فهناك من يستغلُّ وجودَ المال في حياته لأعمالٍ منافية للّاإنسانية،فتساعد،وتجبر الخاطر،وتكون السّند بكل ما للكلمة من معنى،،
المالُ زينةُ الحياة،والدّنيا تكتملُ زهوتُها بوجودِ الوفرة المادية _لا شكَّ في ذلك_إلأ أنّه يجبُ علينا أن نوفّقَ بين المال وقيمنا الاخلاقية وإنسانيّتنا،فلا نَكرَه ولا نُكرَه..
رشا حسين ميدان برس