من أهمّ المواضيع الإجتماعية الّتي يجب أن نسلّط الضّوء عليها، هو موضوع التّربية الأسريّة ، حيثُ لا يمكن تتمّة هذا الأمر إلّا من خلال إيعاز الأبناء، معتمدين في هذا السّياق سياسة التّرغيب لا التّرهيب، محاولين أيضاً تعزيز أُطر الرّوابط الأسرية ،بالإضافة إلى طرح حلولٍ للأهل، يكون الهدف منها قائماً على الخروج عن النّمطية المعهودة في التّربية .
الأسرة عمادُ المجتمع،وهي العالم الأوّل للطّفل، لا بل يمكننا القول أنّها المجتمع المصغّر له
يولدُ الإنسان على فطرة ،يولد صفحة بيضاء،يبدأ من خلالها الأهل تدوين ما تمليه عليهم مفاهيم التّربية التّقليدية ،مكرّرين،محاولين،ومصمّمين على زرع أفكارهم هذه ضمن منظومته الفكريّة الّتي ستحدّد شخصيّته في المستقبل .
بصرفِ النّظر عن هذه المفاهيم _خاطئة كانت أم صحيحة_فلننظر إلى أسلوب زَرْعها عند الطّفل،حيث يعتمد العديد من الأهل مفهوم “العصا لمن عصى”،معتبرين أنّ الصّراخ والضرب من أساسيات التربية السّليمة والخلوقة على حدّ زعمهم،لتتكوّن بالتّالي شخصيّة هشّة ضعيفة على مستوى المستقبل البعيد!!.كما أنّ هناك من يلجأ إلى طرح مشاكله الزّوجية أمامَ أبنائه، ليسطع على المستقبل البعيد أشخاص يحملون باكورة العقد النفسية الّتي توّجتها مفاهيم الأهل.
في هذا الصّدد،تقول “مي زيادة” في نصّها الشّهير “التّربيةالحرّة” : أنّ الفتاة الّتي اعتادت الانقياد لآراء والديها دائماً، لا يمكن إلّا أن تكون “عبدة “في مستقبلها ،فعندما تتزوج وتنجب الأطفال لن تكون “أمّاً “،هي فقط مجرّد “والدة”،على اعتبار أنّ مفاهيم الأمومة فيها من الرّفعة والسّمو ما يجعل بناء الاسرة قويّاّ متماسكا
ّعلى الأهل أن يكونوا على قدرٍ عالٍ من المسؤوليّة ،لأنّ الأطفال بحاجة إلى حضنٍ دافئ وتشجيع لمهاراتهم، فالطّفل الّذي سيصبح بعدَ عدةِ سنوات مراهقاً ، وكان مفتقراً للحب ضمن محيطهِ الأسريّ ،سيبحثُ حتماً عن هذا الدّفء وهذا الحبّ خارج إطار العائلة ،وهذا ما يؤدي بالكثير من المراهقين والمراهقات إلى التّهلكة، وذلك نتيجة خيارات خاطئة ورغبة دفينة لإثبات أنّهم يستحقّون الحبّ ،كلّ الحب….
شجّعوا أطفالكم !!!!!!!!فالشّاعرالانكليزي “ووردثوورث” لم يكن مخطئاً عندما قال:”الطّفل هو أبُ الرّجل ” ،على اعتبار أن الشّخصية الإنسانيّة تتحدّدُ في السّنوات الست الأولى من عمر الانسان،لا في المراهقة كما يظنّ البعض
فأنا أرى الشّخص الأربعيني بأفكار طفله الصغير الكامن داخله..
فأحسنوا الزّرع !!
لتحصدوا الثّمار المثمرة !!!لتبتعدوا عن البذرة الفجّة خوفاًمن حصادكم لأرواحٍ باكية على المدى البعيد
ّإِحتضنوا أطفالكم بالدّفء،بالقلب اللّيّن،بالحب
.أُغمروهم بالحب ،كلّ الحب
ُولا تتهاونوا لحظةً في زرع ابتسامة عطرٍ تثلج قلوبهم،أَشعِروهم بأنّهم قادة ،أنّهم قادرون على مواجهة الصّعوبات..
فليشعروا من خلالكم أنّهم أقوياء ، يستحقّون الدّعم والثّقة..
أبناؤكم أمانة في أعناقكم ،لا تستهينوا بهم،حتى لا يستشعروا قيمتهم خارجاً،فحتماً سيغرّدون خارجَ السّرب في متاهاتِ الحياة!!
رشا حسين ميدان برس