كتب محمد ملص في “الأخبار”:
رغم طغيان مظاهر الفقر على مخيّم الريحانية، إلا أنّها ليست أوّل ما يلفت نظر زائره. فلا بنى تحتية، ولا شبكات صرف صحي كما لا توجد شبكات لنقل المياه النظيفة. حتى خزانات المياه المخصصة لاستعمال المياه النظيفة يظهر عليها اللون الأخضر وتكسوها الحشائش بالإضافة إلى أنها مكشوفة. كلّ ما في المخيم يؤكد أن الكوليرا، التي ظهرت أولى الحالات فيه، لن تنحسر قريباً.
تنجم الكوليرا بسبب غياب النظافة الشخصية، نتيجة الشحّ في مياه الشرب، أو في حالة اختلاط مياه الصرف الصحي مع غياب شبكات التصريف، وغالباً ما يكون سببه تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ما يؤدي إلى حالات إسهال وتقيؤ، وكل هذه الأسباب مجتمعة في مخيمات النازحين السوريين. ومن المشكلات التي يعانيها قاطنو مخيم الريحانية، أنهم يضطون لإعادة تكرير المياه بطرق بدائية. يصفونها عبر قطع قماش وما شابه من عمليات التقطير، ويعيدون استعمالها في مجالات الغسيل والاستعمال الشخصي، ولإعادة غسل الثياب وتنظيفها.
المخيم الذي شيد في ضواحي منطقة ببنين عام 2010، يقطنه حوالي 1600 شخص ممن يحملون الجنسية السورية ويتلقى خدماته عبر منظمة الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية. صحيح أن الامتداد الجغرافي للمخيم هو مع منطقة ببنين، إلا أنه يتبع عقارياً منطقة بحنين في قضاء المنية- الضنية، بالتالي لا سلطة لبلدية ببنين عليه، “لكن ذلك لا يمنعنا من التعاون مع كافة الجهات الرسمية المختصة للحد من انتشار المرض” يقول رئيس بلدية ببنين، الدكتور كفاح الكسار.
وفيما يحرص على التوضيح أن الحالة المسجلة “وصلت من سوريا حديثاً وليست محلية”، يسلّم بأن القدرة على اتخاذ إجراءات للوقاية لا تتجاوز حملات التوعية، “فالمعروف عن المرض أنه لا ينتقل عبر المخالطة المباشرة بل عبر فضلات الإنسان أو تكرار استعمال المياه الآسنة”.
وتوقعت الخطة الاستباقية أن تكون مناطق عكار- طرابلس ومعهما البقاع والهرمل الأكثر عرضة لانتشار الكوليرا. وترتكز الدراسة على التجمعات المكتظة في هذه المناطق، حيث يقطن 40% من اللاجئين في المخيـمات أو مواقع وورش البناء (المرائب والمستودعات، وما إلى ذلك). ومن المؤكد أن حالات المرض لن تقتصر على اللاجئين السوريين فحسب، بل ستتعدّاها إلى المواطنين اللبنانيين نظراً لعمليات الاحتكاك شبه اليومي بينهم.