لم يعد يوم واحد يمرّ علينا دون قراءة خبر سيء مفاده : ( شاب قتل نفسه، فتاة رمت بنفسها من الطابق الخامس، أب يقتل عائلته، ابن يقتل والده …) جرائم بالجملة ولكن هل الفقر هو الدافع الأساسيّ لهذه الاحداث الإجرامية بحق الانسان ؟
يقول أرسطو :” الفقر هو أصل الثورة والجريمة ” ولكن عن أي فقر تراه تحدّث ؟ نحن شعب عانى الكثير من الأزمات والحروب والمآسي، ولكننا رغماً عن كل الاحداث الصلبة ما زلنا نمتلك عقولاً غنية وهذا هو الغنى الحقيقي . لا نستطيع أن نقول عن إنسان مثقف قرأ العديد من الكتب وحمل شهادات في مختلف الاختصاصات بأنه فقير، حتى لو أنه لا يمتلك ثمن ربطة خبز ، ومن قال أنّ الأثرياء هم من يسكنون القصور ويملكون المال الوفير؟ فكم من غنيّ بثروته المالية يفتقر إلى الثقافة الفكرية والعلوم الأدبية والمنطق واللياقة ؟
جميع الجرائم التي نشهدها اليوم على أرض الوطن هي جرائم نتاجها فقر الفكر وليس فقر المعيشة، من شاهد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية بالأمس، سيعرف تماماً بأننا شعب ذبحته العنصرية وهشمته الأحزاب والألوان والطوائف، والذين ساهموا في قتلنا يتقهقهون ويمزحون تحت سقف الديمقراطية التي حرمونا منها وصوروها لنا بأنها شبح قاتل ! ما تشهده الساحات البرلمانية لا يشبه ساحات المدن والقرى اللبنانية، ولكن من كان غنيّ العقل والفكر لن يسمح بتشويه صورة الوطن والانجراف في وحول أزمات مصطنعة هدفها تدمير البشر وقتلهم بدم بارد وايصالهم إلى مرحلة اليأس والانتحار …
تعالوا ننظر قليلاً لتلك الفرقة اللبنانية التي رفعت اسم لبنان عالياً وأعطت صورة واضحة عن شعب عريق بأدبه وفنّه، وغنيّ بقدراته رغماً عن ذلك الظلم الذي نعيشه بسبب سياسات فاسدة . لسنا فقراء ولن نسمح لأحد بأن يوصلنا إلى الجوع والعوز فنحن في بلد الجمال والخير والثقافة والأدب والطب والسياحة … في بلد الجبال والانهار والبحر والسهول والوديان والشمس والمطر والثلوج … الا تكفي هذه المواصفات لكي نكون اثرياء ؟
لا تدعوا عقولكم وافكاركم تأخذكم إلى عالم الاجرام والقتل. ربما نعيش اليوم مأساة معيشية ولكنها لا تستطيع أن تفقدنا رشدنا وتخلّ عقولنا، لا تسمحوا لأي مأزق بأن يدمر أفكاركم ولا تخدعكم مؤامرات وتصريحات لحكام هم علّة العلل، سوف ننتهي من هذه المرحلة الصعبة وسنحيا بسلام وأمان ولكن بعقل سليم بإذن الله.
ليندا حمورة ميدان برس