كتبت كريستال النوّار في موقع mtv:
سُجِّل ارتفاعٌ ملحوظ في عدد الأشخاص الذين يُعانون من حالاتٍ حرجة ويحتاجون إلى رعاية استشفائيّة. والصّادم أنّ هؤلاء يقصدون العيادات وقد تفاقمت حالاتهم إلى ما لا يمكن إدارته بالطرق الاعتياديّة، آملين العثور على طرقٍ بديلة للتعامل مع مرضهم، وكلّ ذلك لكي يتجنّبوا الذهاب إلى المستشفيات وتكبّد تكاليف الرعاية فيها.
ويقول مواطنٌ في البقاع: “علمت أنّ التوجّه إلى غرفة الطوارئ كان ضروريًّا عندما لاحظت التغيّر السريع في لون إصبع قدمي، لكنّني أدركت أيضاً أنّ الذهاب إلى المستشفى لن يكلّفني أقلّ من مليونَي ليرة لبنانيّة. لا أستطيع تحمّل هكذا مبلغ في الوقت الذي لا أملك فيه أيّ مصدر للدّخل”. ويُضيف: “يكسب إبني أقلّ من 50 ألف ليرة لبنانيّة يوميًّا، ونحتاج إلى هذه النقود لشراء الطعام وتأمين السكن”.
هذا المواطن الذي يبلغ من العمر 74 عاماً ويُعاني من مرض السّكري وارتفاع ضغط الدم، زار عيادة عرسال في البقاع، في وقتٍ يحتاج فيه للرعاية الطبية في المستشفى!
وتُشير منطمة “أطباء بلا حدود” إلى أنّ “المريض يقصد العيادة منذ 3 سنوات، وهو لم يتمكّن من تحمّل تكاليف اتباع النظام الصحي المخصّص لمرضى السّكري، ما ساهم في تدهور وضعه بشكلٍ أكبر، وأدّى إلى بتر قدمه اليسرى في ما بعد”. وتلفت إلى أنّ “الرجل لاحظ تغيّر لون إصبعه قبل زيارته للعيادة بأسبوعين، لكنه غضّ الطّرف ولم يخبر أحداً لمعرفته أنّه لن يستطيع تحمّل تكاليف تلقي الرعاية اللازمة في المستشفى”.
في هذا الإطار، تقول مديرة الاتصال والتواصل في منظمة “أطباء بلا حدود” في لبنان ترايسي مخلوف لموقع mtv، إنّ “الأزمة الاقتصادية حالت دون تمكّن كثيرين من تحمّل تكاليف الرعاية في المستشفيات وبات الناس يؤجّلون تلقّيهم للعلاج الطبّي اللازم في الوقت المناسب. وما زاد من صعوبة الوضع، أنّ رواتب الناس فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها، ما يُعيق تحمّل المواطن لتكاليف الرعاية أو اللجوء إلى تأمين خاص يُغطّي هذه التكاليف”.
ونشهد هبوطاً حادًّا في القيمة الفعليّة لمساهمات الدولة، حيث غطّى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى جانب وزارة الصحة العامة رسوم المستشفيات إلى حدّ كبير، وفق الوضع الوظيفي للمريض والمعايير الطبية. وغالباً، غطّت هذه المساهمات بين 85 و90 في المئة من التكاليف، بينما دفع المريض النسبة المتبقية.
ولكن في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحالية، يُغطّي الضمان ووزارة الصحة جزءاً بسيطاً من التكاليف الفعليّة؛ فهما يعانيان بدورهما على المستوى المادي، ما حال دون تمكّنهما من المساعدة بصورة أكبر.
وتوضح “أطباء بلا حدود”: “في الوقت الحالي، تُحدّد رسوم المستشفى وفق القيمة الحالية للعملة المحلية في السوق، في حين ما زال صندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الصحة يقدّمان المساعدة على أساس قيمة العملة قبل الأزمة، فيضطرّ المريض إلى تحمّل حوالى 90 في المئة من النفقات الفعلية”.
الأزمات إلى تفاقم وسط غياب الحلول، فماذا ينتظر اللبنانيّين بعد؟