ألف دولار عجز الأهل عن تأمينها.. من المسؤول عن وفاة الطفلة “ياسمين”؟

جهاد نافع – الديار

قضت الطفلة ياسمين ربيع المصري ذات السنة من عمرها، من بلدة المحمرة في عكار، وهي تتنقل من مستشفى الخير في المنية، الى مستشفيات الاسلامي والنيني وهيكل وصولا الى مستشفى الشمال في زغرتا…

طفلة تعاني عوارض مرضية في امعائها ليست على درجة من الخطورة سوى اسهال وحرارة مرتفعة، ووالدها الحداد الافرنجي يعاني ضائقة مالية بالغة، عجز عن اقناع طوارىء المستشفيات المذكورة بمعاينتها، شارحا وضعه المالي وفقره المدقع.

صدمته كانت عندما طالبته ادارة المستشفيات المذكورة بتسديد مبلغ ألف دولار اميركي قبل متابعة الاجراءات اللازمة.

خلال جولة الوالد وتنقله ورفض ادارات المستشفيات استقبالها، كانت حالة الطفلة تتأزم وتتدهور، وقبل أن تصل مستشفى الشمال في زغرتا بلحظات، أسلمت الروح وفارقت الحياة..

بعض المستشفيات تتبع بروتوكولا يقتضي تسديد دفعة بالدولار لدى صندوق المستشفى، وقبل ان يباشر الطبيب اي معاينة واجبة.

ومعظم الفئات الشعبية في ظل الظروف الراهنة باتت عاجزة عن تسديد ادنى متوجبات الاستشفاء، منذ تدهور الليرة اللبنانية، حتى الفئات المضمونة من تعاونية وضمان اجتماعي وجيش، تعجز عن تسديد ابسط فاتورة استشفاء.

قضية الطفلة ياسمين المصري ليست فريدة من نوعها في الشمال، بل لطالما تكررت هذه الحوادث على ابواب العديد من المستشفيات الخاصة، التي يتحول بعضها الى مؤسسة تجارية خالية من الرحمة، فيما شرائح شعبية يدركها الموت على الفراش لعجزها عن الطبابة وشراء الدواء.

ما هو دور وزارة الصحة؟ بل اين الحكومات المتعاقبة الى اليوم؟ واين هي الدولة التي ترعى صحة مواطنيها واستشفائهم؟

اقدمت الحكومة على قرار خطر غير مسبوق برفع الدعم عن الدواء، والتخلي عن فواتير استشفاء المضمونين، بحيث دفعت ادارات المستشفيات الى استيفاء كلفة الاستشفاء بالدولار، فشكل قرارها ما يشبه قرار اعدام الفقراء وذوي الدخل المحدود والعاجزين عن تأمين دولار واحد…

رحلت الطفلة ياسمين المصري، ولم يرف جفن نائب او وزير، ولا جفن الحكومة كلها…

غير ان مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزف الحلو فتح تحقيقا بالقضية، واستدعى مديري المستشفيات المعنية الى التحقيق في مبنى وزارة الصحة صباح اليو الثلثاء، كما استدعى والد الطفلة لمواجهة المديرين والاستماع الى روايته، ليبنى على الشيء مقتضاه.

وفاة الطفلة ياسمين المصري مأساة لو حصلت في اية دولة في العالم، لهزت عروشا ومناصب… الا في لبنان فخبر وفاة الطفلة مر مرورا عاديا، فالمرء يحار امام هول الازمات المتلاحقة والمتواصلة، ومواصلة انحدار الوضع المعيشي بمجمله، بما فيه قطاع الاستشفاء والصحة والدواء، وبات المواطن اللبناني يخشى المرض، لانه سيكون عاجزا عن الاستشفاء والعلاج، وسيواجه مصيرا محتوما امام مستشفيات تداوي بالدولار وتهدد بالاقفال هي الاخرى…