يعتري المشهد السياسي اللبناني نوعا من الضبابية التي تلقي بظلالها على المكونات السياسية التي صبغت التنوع سمة من سمات المجلس النيابي المنتخب جديدا فما بين من يصف المرحلة الجديدة بالمرحلة التغييرية، يختار كثيرون عدم الخوض في التسميات بل الدعوة الى انكباب جميع القوى السياسية من قوى تقليدية وقوى ما يسمى بالسيادية وقوى تغييرية من قوى الثورة والمجتمع المدني على مبدأ التوافق السياسي والتراضي فيما بينهم صونا للعيش المشترك وحفاظا على الوحدة الوطنية.
فالقوى السياسية المنتخبة تنقسم فيما بينها على عنوان المرحلة الجديدة وكيفية ادارة البلاد والخروج من الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تعد تحتمل التأجيل في ظل انهيار تام للبلد.
لأول مرة في تاريخ المجلس النيابي، تجتمع قوى تقليدية مع قوى تغييرية ثورية تطرح عناوين السيادة والاستقلال التام وتنادي بمقاربة كل العناوين المختلف عليها داخليا بحزم وبارادة وطنية جامعة تقوم بتغليب مصلحة لبنان على أجندات خارجية “حسب قولهم” أوصلت البلد الى ما عليه الآن من انهيار اقتصادي ومالي واختلاف سياسي حاد بين مجموع القوى السياسية.
تتجه الكثير من القوى السياسية الى العمل على عبور لبنان من ضفة الانهيار الى وضعه على سكة النهوض الاقتصادي حتى تعافيه بالكامل من الازمات الاقتصادية المتتالية التي أدت الى انهيار مالي غير مسبوق.
وبما أن الكل مختلف على كيفية حماية لبنان عسكريا في ظل طرح اعتماد استراتيجية دفاعية تضمن سيادة البلد وتحصر مهمة الحماية تحت لواء الجيش اللبناني، تتخوف القوى المناهضة لهذا المبدأ من دخول لبنان في أتون حرب داخلية لذلك ينصح مراقبون سياسيون عدم اعطاء العناوين الخلافية الأولوية في مقاربة الملفات الساخنة الموضوعة على مائدة الحوار الوطني والتلاقي على أسس صون البلد وحمايته داخليا وخارجيا.
لقد اختلف المشهد السياسي فالقوى المنتخبة جديدا تختار العمل على مبدأ التغيير الشرعي والقانوني اعتمادا على الشرعية التي أعطتها الانتخابات النيابية للقوى التغييرية والسيادية والتي ستنتهج تطبيق القانون مباشرة من غير تعويل على مبدأ الحوار الذي لم يؤتي أكله خلال السنوات الماضية ولم يحصد الا المزيد من التشنج و الاحتقان السياسي الذي أهدر الوقت لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان.
ولبنان الذي أنجز أبناؤه الاستحقاق الانتخابي الذي نجح على الصعيد الشعبي وبانتظار انجاز الاستحقاقات الدستورية الانتخابية المتبقية، هل سنشهد معارضة قوية تتحالف فيما بينها ضد بعض القوى التقليدية الممانعة أم ما سنشهده تنوعا يزيد من حدة الاصطفاف السياسي والانقسام حتى ما بين قوى التغيير والسيادة فيما بينها.
الكل متحمس لاثبات ذاته في المجلس الجديد ولكن ذلك سينعكس سلبا على قرارات المجلس النيابي حيث أعطى المواطن ثقته لنواب الأمة الجدد ومع التذكير بأننا لا نملك ترف الوقت، هل ستكون هناك آذان صاغية لآلام المواطن التي فاقت كل الاحتمال والمواطن الذي ينتظر هبوطا في الاسعار وحلحلة اقتصادية وحلول جذرية لمشكلة الكهرباء والغلاء المعيشي واستعادة أموال المودعين المنهوبة وانهيار الليرة وازمة الدواء والمحروقات، هل سيحصد ذلك في الوقت القريب، هذا هو التحدي الأكبر الذي سيكون عنوان المرحلة المقبلة حتى يتبين المواطن الخيط الابيض من الخيط الاسود فهل ستصدق الوعود الانتخابية أم ما سنشهده محاصصة طائفية على حساب الوطن والمواطن واما الدخول في فراغ ما سيؤدي الى المزيد من الفوضى والانقسام السياسي
الصحافية نسرين اسعد شعيب ميدان برس