تعني كلمة مواطن صفة الشخص الذي يتمتع بكامل حقوقه المدنية و السياسية في الدولة التي يحمل تابعيتها.
ولكي يكون المواطن صالحا في مجتمعه يجب ان يتمتع بحقوق المواطنة اي التمتع بالحقوق المدنية، حق التصويت في الانتخابات، حق ممارسة الحريات العامة، تولي الوظائف العامة في اجهزة الدولة ولطالما ارتبط مفهوم المواطنة بالديمقراطية فمصطلح المواطنة يعني بالمعنى الواسع للكلمة المساواة، المسؤولية، استقلالية الرأي.
والمواطن الذي يحرص على اداء كامل واجباته اتجاه وطنه بالمقابل يحرص ايضا على الحصول على كامل حقوقه غير المنقوصة وغير المجتزأة فبقدر ما يكون المواطن فاعلا في مجتمعه بقدر ما يحصل على صفة المواطنة.
لذلك يجب على الدولة بكامل اجهزتها تأمين مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات لانه من غير المقبول ان يعيش في وطن واحد من تم سلب حقوقه ومن تعرض للضغوط من اجل ترك وطنه في حين ينعم مواطنون اخرون بتوليهم الوظائف والمناصب في وقت يمارس الحرمان على شريحة واسعة من المواطنين التي فقدت انتماءها واصبحت من الفئة المهمشة في المجتمع التي لا تملك ابسط مقومات العيش الى حد عدم الحصول على القوت اليومي وهذا يتجلى على الصعيد المادي اما على الصعيد المعنوي فقد حصل تشوه كبير في عقول وقلوب وضمائر الكثيرين ممن فقدوا ايمانهم بمواصلة التحدي من اجل البقاء على ارض الوطن وبصرف النظر عمّن هو مسؤول ومن لا يتحمل مسؤولياته الوطنية في ظل حكومات ورقية لا تكترث بمصير مواطنيها بقدر ما يهمها البقاء على كرسي السلطة.
ان هذه الممارسات غير المسؤولة للمسؤولين الذين تناوبوا على الحكم قد احدثت شرخا وفجوة كبيرة بين المواطنين الذين يرزحون تحت خط الفقر واخرين قد جعلت منهم البطالة اعدادا سكانية لا تملك سبيلا الا الهجرة وعدم التفكير بالرجوع الى ربوع الوطن الام.
فمع ارتفاع نسب البطالة الى حد غير مقبول حيث تخطت 74 % داخل المجتمع اللبناني بشكل اصبح خطرا على ديمغرافية الوطن مما يهدد بتغيير يطال الطبقة الوسطى التي تحولت في لبنان الى طبقة فقيرة بالمقابل تحول الطبقات الغنية الى طبقة ثراء فاحش.
على المدى المنظور لن تفلح خطط الدولة وموازناتها في تصحيح الخلل العميق الذي اصاب بنية المجتمع اللبناني الذي لم يعد نسيجا واحدا فمع زيادة الهوة بين المواطنين، اختل النسيج الاجتماعي وتفاوتت المستويات الثقافية واصبحت الكوادر الانتاجية حكرا على اشخاص من زبائنية السلطة، يحتكرون الوظائف ويدفعون بغيرهم الى الهجرة في ظل غياب الاسس العادلة التي اصبحت مهتزة وغير متساوية، فمشكلة البطالة في وطننا اصبحت مشكلة متجذرة في الواقع الاقتصادي والسياسي الاجتماعي اللبناني واذا لم تنفذ اصلاحات اقتصادية واسعة وشاملة تطال مجمل الطبقات ومختلف الشرائح وتؤمن فرص عمل متساوية للمواطنين مع تفضيل من يتمتع بالكفاءة والتفوق وبالتالي القدرة على التأثير والتغيير في بناء المجتمع والدولة.
لقد يئس معظم اللبنانيين من الوصول الى حلول جذرية تقضي على البطالة التي استفحلت في مجتمعنا واجبرت الكثيرين على الهجرة دون العودة او حتى التفكير ببصيص امل لمن حاول البقاء مع ابسط المقومات لكن دون جدوى فالفساد مستشري في المؤسسات وعدم الاكتراث لحالة الكثير من الفئات الشبابية التي يعد انكفاؤها عن العمل بمثابة تعطيل لقوى فاعلة ومؤثرة في المجتمع.
لقد تحمل المواطن اللبناني اعباءا كثيرة مع العلم ان مستوى خريجي الجامعات وحملة الشهادات يصل الى مراتب عالية بالنسبة الى دول كثيرة لا يحظى مواطنوها بهذا المستوى العلمي والثقافي، فالخلل يعود لسياسة الحكومات المتعاقبة التي اهملت ملفات كثيرة ابرزها البطالة التي اصبحت الان مستشرية بقوة وغير قابلة للحل ما دامت نفس المنظومة تتعاقب على الحكم.
يزخر لبنان بطاقاته البشرية وبمستوى ابنائه العلمي والثقافي الذي يخول المواطنين اللبنانيين الوصول الى مراتب علمية وثقافية متقدمة على العديد من الشعوب ومجاراة التنافس العلمي والتقني بين شعوب المنطقة والعالم باسره.
لم تعد الوعود تجدي نفعا مع تفاقم مشكلة البطالة الى حد غير مقبول ولم يعد يسمح بعدم المساءلة.
ينتظر الكثير من اللبنانيين رياح التغيير التي من المؤكد في هذه الظروف العالمية الاستثنائية انها لم تعد بالامكان ان تأتي من الخارج بل يجب على اللبنانيين حسم امورهم ومعالجة مشاكلهم والوصول الى حلول داخلية تنهض ببلدنا الى صفوف الدول المتقدمة.
الصحافية نسرين اسعد شعيب ميدان برس