تزامنا مع التعطيل الحكومي، الذي يشل مفاصل البلد، تعلو صرخة المواطن اللبناني، فنتيجة التجاذبات السياسية بين مكونات السلطة، تشتد حدة الازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، و بانتظار الحل القضائي والسياسي لمشاكل البلد المتفاقمة، كيف يبدو المشهد اللبناني الداخلي وكيف يستطيع المواطن تصريف أعماله؟
قبيل موسم الأعياد، تبدو الحركة الشرائية شبه معدومة، فمع بلوغ سعر صرف الدولار ما يزيد عن 28 الف ليرة مقابل الدولار الواحد لأول مرة في تاريخ لبنان، تتفاقم أوجاع اللبنانيين وتزداد معاناتهم، فاذا نظرنا الى واجهات المحال التجارية، نرى شبه انعدام لحركة البيع والشراء وعندما نسأل المواطنين عن أوضاعهم المعيشية نلمس شبه اجماع على وضع اقتصادي شديد الوطأة على كاهلهم.
فمثلا “فراس” شاب في مقتبل العمر، تزداد ديونه مع عدم قدرته على تسديد فواتير منزله فيقول: ” يريدون منا فاتورة الكهرباء مع انه لا يوجد كهرباء” فالكهرباء التي كانت تخضع لتقنين قاس في الأيام الماضية، الآن لا وجود لها بالكامل، وبينما تستقل “ريما” سيارتها للوصول الى عملها، تشكو من غلاء أسعار المحروقات، لتعلن رغبتها في بيع سيارتها مع عدم قدرتها على الاستمرار في هذا الوضع الصعب والمذل .
ومع ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، بلغت البطالة مستويات قياسية لم يسبق ان شهدها البلد حتى أن هناك عائلات كثيرة أصبحت تعيش تحت خط الفقر خصوصا مع رفع الدعم عن الدواء الذي أصبح غالي الثمن وغير متوفر الى جانب ارتفاع أسعار السلع الضرورية الغذائية التي باتت غير متوفرة في الكثير من الاسر الفقيرة.
فوفق احصاءات رسمية، فان من بين كل خمسة أشخاص في المجتمع اللبناني أصبح أربعة منهم يعدون من الفقراء اضافة الى وجود أسر تعيش في الفقر المدقع، وتفتقر الى وجود الحد الأدنى من وسائل التدفئة لتعيش معاناة مضاعفة .
في المقلب الآخر، عندما تتجول في ساحات الطرقات، تجد ان نسبة المتسولين تزداد وبشكل كبير، فبينما يصطف ميسوري الحال أو ذوي الدخل المحدود أمام البنوك ومحلات الصيرفة، تجد حركة المطاعم شبه متوقفة باستثناء بعض المغتربين الذين هرعوا الى بلدهم لمساعدة ذويهم بعد هذه الكارثة الاقتصادية التي ضاعفت أوجاع اللبنانيين.
عشية الأعياد المجيدة، يطالب اللبنانيون كافة مكونات السلطة بالتخلي عن أنانيتهم، والتطلع الى تصريف شؤون المواطنين وحسن ادارة البلد حيث أمعنت هذه السلطة في اذلال اللبنانيين الى مرحلة قد تصل الى شبه انفجار اجتماعي مع مراوحة السلطة وانشغالها في قضايا فسادها.
ومع كل الألم الذي يعيشه المواطن، تبقى هناك ارادة في العيش ومتابعة الحياة ومواجهة من كانوا سببا في شقاء اللبنانيين مع عدم التفريط بحق المواطن في تقرير مصيره.
الصحافية نسرين اسعد شعيب ميدان برس