الانتخابات النيابية المقبلة.. بين واقعية المشهد وديمقراطية التغيير

وفق المعادلة السياسية الكلاسيكية، عندما يعم الفساد والظلم، تنتفض الطبقة المتضررة من الشعب فترفض القيود والواقع الراهن وتستعين بالشعب كله بعد أن يحصل الانفجار الاجتماعي وعندئذ تكون الثورة الشعبية التي تسعى الى تغيير الواقع اما عبر صناديق الاقتراع واما عن طريق التغيير الثوري فيحصل التغيير الذي ينشده أغلبية المواطنين.
لكن اذا فسدت المنظومة السياسية ولم يتصدى لها أحد، وعندما لا يحصل التغيير أو حتى الانتفاض على الواقع المزري، عندئذ يفسد الحكام ويفسد معهم الشعب، فاذا فسد الشعب من يصلحه؟
لذلك تحرص الدول الديمقراطية على تداول السلطة بشكل مرن وعلى محاسبة الحكام الفاسدين الذين هم سواسية مع الشعب أمام القانون، فللديمقراطية معنى ومفهوم واحد حقيقي هو المحاسبة التي لا تستثني احدا وما ينطبق على الدول الديمقراطية ينطبق على وطننا لبنان فهذا البلد الديمقراطي العريق بتنوعه الحضاري والثقافي يستحق من الشعب المحافظة عليه وعدم التسليم بجره الى الانهيار التام.
فطلب الاصلاح هو مطلب وطني قبل أن يكون مطلبا اقليميا ودوليا فالمنظومة التي تنتظر من يذكرها بواجباتها هي سلطة فاسدة وفاشلة ايضا، لذلك كل مواطن مطالب بالتصدي للفاسدين من الطبقة السياسية وها هي الآن ترص صفوفها من أجل اعادة اعتبارها وتستبق التذرع بنتائج الانتخابات التي بدأت بالاستعداد لها.
لكن ما هو لافت وما يثير قلق ومخاوف اللبنانيين هو محاولة اقصاء لبنانيي الاغتراب عن هذا الاستحقاق الانتخابي خوفا من تغيير في المعادلة الانتخابية والواقع السياسي، وهنا تكمن الطامة الكبرى فالمواطن الذي يعيش هذا الوضع المزري قد اعتاد على الخنوع والتذلل لسلطة لا تستطيع تأمين أبسط متطلبات العيش المحترم ولا نقول الرغيد وهذا من المفترض أن يحصل على الأقل عشية الانتخابات.
لذلك نحن أمام مفترق طرق مفصلي ودقيق ونهائي، فاما أن يحصل التغيير المنشود أو أن يبقى لبنان كله بثقله وبطاقاته وبمواطنيه محكوما ومطوقا فالرهان على النخبة المثقفة والواعية يكون امام صندوق الاقتراع واي نتيجة انتخابات لا تؤدي الى تغيير مقبول سوف تعيد المواطن الى نقطة الصفر، وأي تغيير يأتي من “اصلاحات” تصنف في خانة “الواجبات الوطنية” يشكل تعدٍّ صارخ على الحقوق الطبيعية للمواطن.
لذلك يجب على الجميع التخلي عن نزعاتهم الطائفية والمذهبية، والمشاركة في الانتخابات وفق حسابات وطنية بحتة، تعيد للشعب ثقته بنفسه وترد اعتباره كشعب حضاري وعلى قدر كبير من المسؤولية الوطنية والاخلاقية والانسانية.
الصحافية نسرين اسعد شعيب ميدان برس