المبادرة الفرنسية الحالية واقع سياسي جديد أم حلول مرتقبة؟

على ضوء تحولات وتطورات اقليمية دولية متسارعة، عكست نوعا من دفء العلاقات بقصد ارساء تفاهمات جديدة على المستوى الدولي، هذا المناخ الايجابي أفضى الى فرض واقع محلي يسعى الى تصحيح مسارات العلاقات اللبنانية مع المحيط العربي والدولي .
فمن مبادرة الرئيس ماكرون والمدعومة بتفويض دولي والتي نجحت في تلوين المشهد السياسي القاتم الذي خيم على المشهد السياسي اللبناني منذ بداية الأزمة مع دول الخليج والتي أفضت الى المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي غير المسبوق فواقع المشكلة الحقيقية للبنان هو اقتصادي بالدرجة الأولى ومغلف بظاهر دبلوماسي فمنذ مقاطعة دول الخليج للبنان على صعيد ضخ الأموال والاستثمار في المجال اللبناني انعكس ذلك بشكل سريع وأرخى بثقله على القطاع الاقتصادي.
وفي الأفق القريب لن يكون هناك أي تسوية سياسية حقيقية ويبنى عليها الا بعد حصول الاستحقاق الانتخابي والرئاسي وتغير في الطبقة السياسية الحاكمة التي يجب عليها اجراء الانتخابات لفرز واقع سياسي جديد يضمن أكثرية لا تستأثر بالحكم وأخذ البلد نحو المجهول كما هو الواقع الآن .
اذن وفق المعادلة الدولية، هذه الطبقة السياسية هي غير موثوقة لاجراء الاصلاحات الحقيقية والجذرية فهي المسؤولة عما آل اليه الوضع من انهيار اقتصادي ومأساة انسانية والكل يتطلع الى فرض معادلة سياسية جديدة تضمن تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية.
ان تصويب المسار لتحريك المياه الراكدة في مجرى العلاقات اللبنانية مع محيطه العربي والدولي، يتطلب حل الملفات العالقة والمتنازع عليها وغير التوافقية التي تحتاج الى صيغة جديدة في المعادلة المحلية وأولها نأي لبنان بنفسه و تطبيق القرارات الدولية وهذا الأمر غير ممكن في الواقع الراهن فأي طرح يجعل لبنان يغرق في أتون تأجيج النزاع الداخلي هو حتما ليس في صالح لبنان بل هو خطر على السلم الأهلي والوحدة الوطنية.
فمسألة ضبط الحدود واعتماد استراتيجية دفاعية موحدة ومحصورة بالجيش الوطني هي محط خلاف داخلي وأي مشروع حل هو غير مطروح على الساحة الداخلية الآن ويقوض الاستقرار الوطني.

من الناحية العملية، حتى الآن لا جديد يذكر الا انتظار ما ستؤول اليه الأوضاع وما سيتبدى من ترجمة فعلية لنتائج المبادرات في المدى المنظور، وقبل ذلك الحين لا حلول انقاذية في الوقت الراهن والمواطن يتقلب على نار الغلاء والوضع المعيشي الصعب والمراوحة التي تطبع المشهد الحالي.
الصحافية نسرين اسعد شعيب ميدان برس