أزمة المحروقات تحرق قلوب المواطنين !


‎لم يعد مقبولا ذلك المشهد الذي يرافقنا مع انبلاج كل صباح، ولا ذلك الذلّ الذي نحياه، كل ما في هذا الوطن بات ينذر بالشؤم،  والخوف يتربّص بنا من كل حدب وصوب معلناً بداية أزمة أخطر بكثير من سابقاتها …
‎كثيرة هي الأزمات التي عاشها المواطن اللبناني في حياته منذ بداية السبعينات حتى اليوم، صحيح أن تلك الأزمات رافقتها حروب دامية أودت بحياة الكثيرين من أبناء الوطن ولكن، رغم وحشية تلك الحروب وشراستها إلّا أنّها كانت ناعمة جدا أمام الأزمة التي نعيشها في حاضرنا.
إنّ ما نعيشه اليوم لم يعد ذلاً فحسب بل تخطى حدود الذلّ بدرجات كبيرة.
‎كيف بإمكاننا أن نصدّق ساسة لا دين لهم ولا ضمير بأنّهم لا يستطيعون حلّ أزمة المحروقات التي تكلّفنا الكثير الكثير من الأعباء والمشاق للحصول عليها؟ بات المواطن في مرحلة صعبة جداً إذ أنّه إذا ما أراد تعبئة سيارته بالوقود يجب أن يودّع عائلته أولا لأن هنالك خطر كبير على حياته ومسألة العودة سالما معافى هي رهن أولئك (الزعران) الذين يتحكّمون بأمن المحطات. كيف يسمح ساسة البلد بتلك اللعبة الدنيئة التي يمارسها تجار السوق السوداء والمتفشية على كامل الأراضي اللبنانية دون حسيب أو رقيب .
‎مسألة المحروقات ليست الوحيدة التي تشكّل خطراً على المواطن،  لا بل قضيّة الدواء واحتكاره من قبل تجاّر الموت هي الأخطر، لا نستطيع فهم ما تحتويه قلوب أولئك المحتكرين الذين يخبؤون الدواء في مخازن بعيدة عن عيون المرضى الذين يصارعون الموت وهم بأمس الحاجة لجرعة تعطيهم بضعة أشهر من الحياة؟ كيف نستطيع أن نكمل في ظل بحر عائم بالقذارة والطحالب البشرية ؟ أزمات متتالية ومتفاقمة لا حلول لها ولا حتى مبادرة للحل.
‎أبسط الأمور التي بإمكانها حلّ أزمة المحروقات هي استلام البلديات تنظيم سير عمليات التعبئة،  طبعا بمؤازرة من الفرق الأمنية من جيش وقوى أمن وبذلك يمكن للمواطن أن يكون مطمئنا بعض الشيء بأنّه سيعود إلى عائلته سالما معافى دون أن يتعرّض له أحد أو حتى دون المسّ بمركبته. هل هذه المسألة صعبة ؟ الصعب الوحيد هو أننا نعيش في وطن يعجّ بالفساد تحت غطاء سياسي لا يرحم
‎إن المحتكرين الحقيقيين في وطننا ليسوا فقط تجار إنما هم ذيول لأفرقاء سياسيين لا يعرفون من السياسة إلا جيوبهم ولا يفقهون بمعاناة المواطن لأنهم تجرّدوا من الضمائر واتشحت قلوبهم بالسواد تماما كتلك السوق السوداء التي باتت مرتعاً لضمائرهم الميتة و جشعهم الذي أعمى البصائر و النفوس…

ليندا حمورة ميدان برس