هل سيكون إنفجار عكار شعلة تنير أيامنا القادمة ؟


‎ها قد أطلّ بوجهه الحالك من جديد، ولكنه لم يشرق هذه المرة من وسط العاصمة لا بل دخل من بوابة لبنان الشمالية، أدخله أهمال الساسة وعدم اكتراثهم لما يحصل في سراديب محطات المحروقات، أدخله شرّهم وبلاءهم وسرقاتهم ومحاصصاتهم، نعم إن الضريبة اليوم يدفعها أهلنا في عكار ومن ذا الذي سيدين هذا الإنفجار ؟
‎بعد ليال سوداء لا نور فيها ولا كهرباء ضوّى عتمة ليل أمس انفجار هزّ أوساط الشمال وحرق معه شبانا ذنبهم الوحيد أنّهم يحملون الجنسية اللبنانية ويسهرون من أجل لقمة عيشهم بينما المسؤولين عن أمن وسلامة المواطن يغطون في نوم عميق دون الاكتراث لما يحصل في ساحات الوطن من تهريب واحتكار وظلم وغدر, الوضع اليوم ليس كما يقولون دوما ( على كف عفريت ) لا بل أضحى على كفوف الرؤساء والزعماء، قدرة تحمّل المواطن باتت معدومة والألم بات ينخر العظام وحين يدخل الفقر لبّ المجتمع اعلموا أن مدخل الجريمة قد فتح والإنقلاب بات قاب قوسين أو أدنى .
‎كيف بإمكان رجال السلطة اليوم مشاهدة ذلك الرجل الذي فقد اثنين من ابنائه, هل سيرف لهم جفن حين ينظرون إلى بكاء الوالد وحرقة قلبه من الفاجعة ؟ وكم من شهيد سقطوا اليوم نتيجة الإهمال واللا مبالاة؟ شهداء الوطن باتوا أكبر من مساحته بكثير والدماء التي هدرت أصبحنا غير قادرين على الغوص فيها لأنها دماء نقية طاهرة لا يرويها إلا التخلّص من سلطة غير جديرة بمركزها، نعم إنّ الحل الوحيد اليوم لوقف النزيف الشعبي هو استقالة هذه الدولة وإلا فالذي ينتظرنا أخطر بكثير من تفجيرات .
‎ها هو الأحد الأسود قد حلّ ضيفاً ثقيلا على أبناء الشمال، وها هي المحروقات تحرق أجساد الشباب قبل أن يحرقوها في سياراتهم وآلياتهم، صيحات المفجوعين كانت أقوى من صوت الإنفجار, لم يصرخوا ليعيدوا أبناءهم إلى الحياة، كانت صيحاتهم تناجي النيران كي تترك أثراً لهم ولا تلتهم عظامهم ويصبحون رماد ! كم هو قبيح وجه الحاضر ولمَ تحولت الحياة إلى شبح مخيف ؟ هل شاهدتم الضربة الحديدية لقوى الأمن والجيش ماذا استطاعت أن تفعل بيوم واحد ؟ ولماذا لم يستخدموا قوّتهم تلك منذ بداية الأزمة ويضربون بيد من حديد على جميع محطات الوقود منعا للاستغلال والاحتكار والموت المتربص في طوابير الذلّ والمهانة ؟
‎إن دكتاتورية السلطة الحاكمة تفرض سلطتها وسطوتها وسيطرتها علينا بإذعان منا وبثقافة الطاعة التي تجعلنا قابلين للاستبداد والظلم، نحن شعب تعوّد منذ نعومة أظافره على الطاعة في البيت والمدرسة والجامعة والجامع والكنيسة …هذا ما جعل منا مطيعين لديكتاتورية حاكمة ليس بوسعنا أن نفعل معها شيئا سوى انتظار الرحمة . إنه الاستبداد الذي جعلنا منغمسين بالتخلف بعيدين كل البعد عن مواكبة العالم أما الفقر والمرض والجهل والتطرف الديني جميعها أمور ناتجة عن الاستبداد الذي يجب أن يقطع من جذوره حتى نعيد بناء أمّة خالية من الجهل وعلينا بثقافة التمرّد لأنه وحده القادر على التقدّم الانساني والفكري..

ليندا حمورة ميدان برس