في ظل معضلة اقتصادية صنّفت من ضمن اوائل الأزمات العالمية، وفي أوج زحمة الطوابير التي باتت ترافق المواطن في جميع متطلباته الحياتية، ومع أجواء انعدام الدواء والمستلزمات الطبية، باتت الحياة في لبنان اشبه بالموت …
عامان مضيا دون أن يحقق اللبناني فيهما أيّ هدف يستطيع من خلاله الصمود، كوارث بالجملة تلقاها المواطن كصاعقة منعته من التفكير وكأنها ضربة تخديرية أدخلته في موت سريري لا يعلم متى يستيقظ منه و ما مدى الضرر الذي سيتركه في جسده. العالم من حولنا ينشغل بالتطورات والاكتشافات ويسعى لتحديد رحلات إلى الفضاء ونحن ننغمس في جهل عميق يعيدنا عشرات السنين إلى الوراء .
أجيال تترعرع في جو مشحون بالغضب ومجبول بالحرمان، اجيال ذنبها الوحيد أنها ولدت في بلد طائفي مذهبي تحكمه مجموعات من عائلات موروثة حوّلت وطننا إلى مسرح يتخبط فيه المواطن يمينا ويسارا بحثا عن رغيف خبز . وطننا ضاق بنا وكأنّه يطلب منا ان نغادره ونخفف عنه وطأة مشاكلنا ونزاعاتنا وحروبنا وسرقاتنا …
جيل اليوم أي جيل التكنولوجيا كما يقولون عنه بدلًا من أن يحمل في يده شعلة المجد ها هو يعود ادراجه ليلتقط شمعة تنذره بليل كئيب ومستقبل بائس، ها هو جيل التطور ينحرم من أبسط حقوقه، جميع التلامذة اليوم ينتظرون بصمت القرار الذي سيصدر بخصوص عامهم الدراسي المقبل، كيف سيتابعون دروسهم دون كهرباء ودون تدفئة ودون انترنت ؟ أيّ حياة تلك التي سيحيونها في وقت يلفظ فيه وطننا أنفاسه الأخيرة؟ عام تربوي مهدّد بالضياع؛ أيعقل أننا بتنا نعيش في عصر انفرادي من العصور القديمة ؟
لبنان يعيش اليوم معضلة إقتصادية عاشتها دول كثيرة من قبله ومنها أميركا التي وُسِمَت بحقبة زمنية صعبة أبان الكساد الكبير في تشرين الأول من عام 1929 والذي استمر حتى عام 1939، والأزمة التايلندية عام 1997 والتي أدت إلى تخلّي تايلند عن سعر صرف عملتها الثابت مقابل الدولار الاميركي، وقد استغرقت تلك الدول سنوات كثيرة للتعافي، ولا ننسى أزمة 2007 – 2008 التي اندلعت في اميركا بسبب ما سمي وقتها ب”الفقاعة العقارية ” ما أدى إلى انهيار بنك “ليمان براذرز” كما أن العديد من المؤسسات المالية العالمية كانت على شفير الانهيار …
كوارث اقتصادية بالجملة ولكن في دولة بحجم قرية من قرى أميركا ويحكمها فريق سياسي دينه المال كيف سنخرج من أزمتنا ؟ وان كان هنالك من حلول فكم من الوقت ستستغرق لتنفّذ ؟ ومن ذا الذي سيضرب بيد من حديد ويكفّ عنا شر حكامنا وبلاءهم ؟ اسئلة كثيرة نطرحها وننتظر علنا نلقى جوابا ولو أتى متأخرا فذلك خير من ألا يأتي أبدا .
ليندا حمورة ميدان برس