انطلق مؤتمر دعم لبنان وشعبه في باريس عند الواحدة من بعد الظهر، بكلمة لرئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون، اكد فيها أن انعقاد هذا المؤتمر هو “لاتخاذ خطوات عملية لمساعدة اللبنانيين”، مشيرا الى ان “فرنسا ستخصص في الأشهر المقبلة مبلغ 100 مليون يورو كدعم مباشر للشعب اللبناني، في قطاعات التعليم والتربية، والمساعدات الغذائية، والصحية، إضافة الى تقديمها 500 الف لقاح ضد فيروس كورونا خلال شهر آب الجاري”. كما لفت الى ان بلاده “ستساهم في إعادة اعمار مرفأ بيروت، وخصوصا المساعدة الطارئة التي ستقدم للحفاظ على نشاطاته”.
وشدد على أن “هذه المساعدات ستتوجه مباشرة وبشكل شفاف الى الجمعيات غير الحكومية، وعبر قنوات الأمم المتحدة”.
واعتبر ان “الازمة التي يعيشها لبنان هي ثمرة فشل فردي وجماعي وافعال غير مبررة، ونتيجة أخطاء حصلت ضد المصلحة العامة”، مشددا على ان “كل الطبقة السياسية ساهمت في تفاقم الازمة عندما وضعت مصالحها الشخصية فوق مصالح الشعب اللبناني”.
وتوجه الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتأكيد على التقدير الذي يكنه له، ولشخصيته المناضلة من اجل الحرية، ودعاه الى “تشكيل حكومة وإيجاد التسوية اللازمة، وتطبيق الورقة التي تم التوصل اليها قبل عام من الآن”، وأضاف ان “الأولوية الملحة الآن هي لتشكيل حكومة بإمكانها اتخاذ تدابير استثنائية في خدمة الشعب اللبناني”.
وقال: “لقد تمكنا من اتخاذ تدابير صارمة ضد الشخصيات المنخرطة بالفساد والتعطيل السياسي في لبنان، ووضعنا مع شركائنا الأوروبيين نظاما خاصا بالعقوبات من اجل لبنان، ولا يجب على المسؤولين فيه ان يشكوا بتصميمنا على تطبيق هذه العقوبات”.
ثم تحدثت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، فأكدت باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريس دعم المجتمع الدولي للشعب اللبناني، مقدمة التعازي الى اللبنانيين بضحايا الانفجار الذي شددت على “ضخامته وفظاعته”، مطالبة ب”تحقيق شفاف”.
وقالت: “ان لبنان يعيش احدى افظع الازمات على الصعد الاقتصادية والتربوية والبنى التحتية وغيرها، وحاجة اللبنانيين تتفاقم، وهم لا يزالون يعانون من عدم تشكيل حكومة منذ نحو عام، وننتظر من رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تأليف حكومة بشكل سريع، لان اللبنانيين يستحقون قيام مؤسسات قوية بإمكانها انقاذ البلد، وإدارة تحقق الاستقرار والنمو واستثمار قدرات الشباب اللبناني. ان المؤتمر اليوم هدفه تقديم المساعدات العاجلة الى الشعب اللبناني، في ظل وجود اكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وتأمين المياه الصالحة للشرب وغيرها من متطلبات الحياة اليومية، يضاف الى ذلك معاناة اللاجئين والنازحين، فضلا عن الوضع الصحي الصعب ايضا. ان الأمم المتحدة تساند، كما دول أخرى، الشعب اللبناني في الصعوبات التي يواجهها، وتعمل بالتنسيق مع المنظمات غير الحكومية على سد بعض الحاجات”. وأشادت ب”النشاط اللافت الذي تقوم به هذه الجمعيات والشباب اللبناني”.
وبعد ان استعرضت المساعدات التي أمنتها الأمم المتحدة منذ وقوع الانفجار في المرفأ وحتى اليوم على مختلف الصعد، لمساعدة لبنان على النهوض وإعادة اعمار ما تهدم من بنى تحتية أساسية، شددت على ان “هذا المؤتمر يشكل فرصة فريدة لتقديم المزيد من المساعدة العاجلة للبنانيين لتفادي وقوع كارثة إنسانية، وهناك حاجة لوضع خطة طارئة للاستجابة للحاجات الضرورية للاكثر عوزا، ولكن هذه المساعدة لن تكفي ما لم توضع مشاريع وخطط التنمية المستدامة، والاستمرارية في المستقبل، وقيام نظام خدمة حماية اجتماعية، كل ذلك ضروري وسيؤدي الى الاستقرار الاجتماعي، والى حكومة تلتزم وضع الاجراءات اللازمة بشكل سريع للاصلاح الاقتصادي والشفافية والاستقلال القضائي ومكافحة الفساد”. وجددت التزام الأمم المتحدة “تقديم كل الدعم للبنان وشعبه”.
ثم كانت كلمة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
من جهته، اكد الرئيس الأميركي جو بايدن في كلمته “تضامن الجميع من اجل انقاذ لبنان بعد الانفجار المهول الذي أصابه منذ عام”. ولفت الى “المعاناة الإضافية للشعب اللبناني خلال العام المنصرم جراء الازمات السياسية والاقتصادية التي كان يمكن تفاديها”. وقال: “ان الولايات المتحدة تفخر بالمساعدات التي قدمتها للبنان منذ فنرة طويلة، وقد زرت هذا البلد مرات عدة وهو رائع”.
وأعلن عن “مساعدات إنسانية من الولايات المتحدة بقيمة 100 مليون دولار تضاف الى قرابة 560 مليون دولار قدمتها واشنطن كمساعدات إنسانية خلال السنوات الماضية”. وقال: “ادعو نظرائي في الدول كافة الى تعزيز دعمهم للشعب اللبناني، ولكن كل هذه المساعدات الخارجية لن تكون كافية، اذا لم يلتزم القادة اللبنانيون بالقيام بالعمل الصعب انما الضروري، لاجراء الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد. ويجب قيام حكومة بشكل سريع، للعمل على أولوية وضع لبنان على طريق النهوض، واذا ما اختار القادة اللبنانيون هذا الخيار، فسيجدون الولايات المتحدة الى جانبهم في كل خطوة لبناء مستقبل واعد اقوى للبنانيين، وليس هناك من وقت لاضاعته. ونحن هنا لمساعدتكم اذا التزمتم بتعهداتكم”.
وتحدث العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين، فلفت الى تداعيات الانفجار ونتائجه الأليمة على لبنان والعالم اجمع، واعتبر ان “الازمة في لبنان تتفاقم يوما بعد يوم على اكثر من صعيد، وخصوصا في الأمور الحياتية الأساسية، وانه من لا بد من مساعدة دولية منسقة تتخطى الحدود الجغرافية للبنان لتصل الى المنطقة بأكملها، ويجب ان تنعكس المساعدات إيجابا على الشعب اللبناني، وان توزع بعدالة، وان يكون هناك تنسيق يسمح لنا بتجسيد المساعدات عمليا وتلبية الحاجات بشكل اسرع واكثر فاعلية”.
وقال: “لا يمكن لنا الانتظار ورؤية اللبنانيين يقتربون من الهاوية، ويجب ان نقدم المساعدات الإنسانية والصحية والغذائية، ولا يجب ان ننسى ايضا ان اللبنانيين يستضيفون ايضا لاجئين يعيشون بدورهم في ظروف صعبة”.
وشدد على أهمية المؤسسات اللبنانية والدعوة الى الاستقرار فيها ودعم القوى الأمنية، ما يسمح بتأمين الحاجات للبنانيين في هذا الوضع الصعب”. وأمل “ان تتمكن الدول من توحيد جهودها لارسال رسالة الى اللبنانيين انهم في القلب والوجدان وليسوا منسيين في هذا الظرف العصيب”.