قد يكون سوق الدولار الاسود بداية لطريق جديد ستسلكه جميع الاسواق على الساحة اللبنانية، خصوصا مع تدهور الاقتصاد والتفتت السياسي والفلتان الأمني، كيف لا وكل ما في وطننا بات تحت رحمة الرأسماليين والصرافين واصحاب النفوذ والسلطة .!
فبعد اعتياد اللبناني على التعامل مع السوق السوداء لصرف الدولار، ها هو اليوم وبطريقة غير مباشرة بدأ بالتعامل مع المحروقات ضمن السوق نفسه ولكن بتوليفة جديدة . وبما أننا نعرف حق المعرفة بأن الاسواق السوداء ما هي إلا اسواق غير شرعية وبعيدة كل البعد عن القوانين والأنظمة، إلا أننا وبغير قصد ننغمس فيها حتى باتت وجوهنا تقترب من لونها .
كلمّا كبر حجم الفساد في الدول كلّما ازدادت نسبة التعامل بتلك الاسواق فيها. الفساد المستشري في لبنان هو وليد النظام الطائفي الذي أنجب السياسة العفنة التي تحكمه وتتحكّم بمصيره ومساره، تلك السياسة أوصلت المواطنين إلى خط الفقر والعوز، مؤامرات سياسية تحاك تحت طاولة البرلمان اللبناني بخيوط نحن نعلم بأنها رثة والثوب الذي سيخرج منها غير صالح للارتداء . يقول المثل اللبناني : ( من جرّب المجرّب بيكون عقلو مخرّب ) فكم حجم الخراب الذي يسكن في عقول الأفرقاء السياسيين ؟ وإلى أين يريدون أن يأخذوا هذا الشعب المسكين ؟
أزمات بالجملة، ولكن جميع الأزمات تهون أمام أزمة المحروقات التي باتت أكبر من حجمها العادي بكثير، خصوصا أن التلاعب باسعار المحروقات يتم علنا (على عينك يا تاجر) دون حسيب أو رقيب. هذا السوق استفحل بين المواطنين، والبنزين بدل توفره في محطات الوقود بات مُخبّأً في المنازل والمحلات ويباع باسعار عالية جدا نسبة إلى سعر الصفيحة الرسمي . ناهيك عن أزمة المازوت وما يشهده المواطن من انقطاع في التيار الكهربائي والخوف الكبير هو وصول تلك الازمة إلى المستشفيات وهنا قد تحل الكارثة الكبرى .
ما معنى أن تشهد الأسواق اللبنانية انعداما لوجود مادة المازوت في الوقت الذي تباع فيه “تنكة المازوت” بمبلغ 240000 ليرة لبنانية ؟ هل من أحد يستطيع أن يشرح لنا ما يحصل ؟ كل ما نعلمه بأن اجتياح السوق السوداء للدولار رافقه اجتياح آخر لما يسمى الوقود الأسود وهنالك خوف كبير من امتداد ذلك السواد إلى السلع الغذائية، وهنا فقط نستطيع أن نقول الجوع كافر وسنصبح جميعا كفرة .
ليندا حمورة خاص ميدان برس .