تعلّمنا من خلال كتب الجغرافيا بأن لبنان ليس إلا نقطة صغيرة على الكرة الأرضية، وعلمّونا أيضا أنه وبحكم موقعه الجغرافي هو أداة تواصل بين الشرق والغرب، وأنه مهد الحضارات وموئل الفكر والأدب، وأرض الخير والجمال والعطاء، تلك هي البداية ولكنهم لم يذكروا لنا نهاية تلك النقطة …
وطن الخير والجمال كما كانوا ينعتوه بات كإبرة في كومة قش الكل يبحث عنه، الكل يناديه ويناجيه ولكن دون جدوى. ضاعت ملامحه واختفت وحلّ مكانها السراب. شبح الكآبة ارتسم على وجوه المواطنين وها قد أضحوا تائهين لا يعلمون إلى أين ستمضي بهم طرقاتهم الشائكة، وأين ستأخذهم أحلامهم التي لطالما حلموا بها وانتظروها. فوضى السياسة والسياسيين لم تعد تحتمل واسلحة التفاوض من أجل انقاذ البلد بحكومة ترضي الجميع باتت فارغة لأنهم استنزفوا كل بارود العالم بنزاعاتهم وخلافاتهم ولم يتركوا إلا الفراغ والضياع …
ماذا يعني أن نكون تحت رحمة أشخاص بعيدين كل البعد عن مصائبنا، حتى أنهّم لا يحركون ساكنا؟ هم فقط مجرّد أرقام لحقائب نيابية ووزارية ورئاسية جميعها كفقاقيع الصابون تنفخ في الهواء للحظات من ثم تتلاشى. كم باتت تلك الهوية التي نحملها موجعة وذلك العلم اللبناني الذي يرفرف عاليا لم يعد يحتمل البقاء لأنه يشهد على حرق الوطن وهو الشاهد الوحيد على التاريخ والحاضر وربما يحترق هو أيضا قبل ظهور المستقبل !.
لماذا يستسيغون الساسة اليوم فكرة التجاهل المتعمّد ؟ ولماذا يهتمون بأناقة اللباس على حساب أناقة الفكر والضمير ؟ لماذا يقتلون مستقبل أبنائنا ويستبدلونه بمصالحهم الشخصية وتصفية حساباتهم ؟ أسئلة كثيرة نطرحها اليوم لرعاة هذا الوطن ربما يطمئنوننا ولو بجملة صغيرة بأنهم لن يسمحوا بإذلالنا أكثر، لعلّ وعسى …!
ليندا حمورة ميدان برس