يقول طه الدرازي : الطب بلا إنسانية كالصلاة بلا وضوء، وها نحن اليوم نعيش مرحلة خطيرة حيث نفتقد فيها للأطباء الذين يجسدون الانسانية ويعملون بصدق ورحمة، وها قد أصبح بعض الأطبّاء إن لم نقل أكثرهم كالتجّار وجهان لعملة واحدة ألا وهي جني الأرباح .
يشهد لبنان اليوم أزمة اقتصادية كبيرة وخطيرة وهذه الأزمة قد شكّلت انقلابا تاما على المستويات الطبية، حيث أصبحت إنسانية المهنة لدى الأطباء على المِحكّ بين أن يرفع الطبيب أجر المعاينة من جهة و عدم قدرة المريض على تحمّل هذا العبء في وقت يصارع المريض الغلاء المعيشي و الأمراض معاً و بين أن يبقي الطبيب على أجورٍ يتقاضاها باتت لا تكفي لحياة كريمةٍ ولا تلبّي حاجات المهنة و تبِعاتها من جهةٍ ثانية!
حين نقول طبيب نختصر الإنسانية في شخصه، لأننا نعي تماما بأن الأطباء هم ملائكة ورسل سلام قد رهنوا أنفسهم لرعاية الناس واعانتهم والمساعدة على شفائهم . فهل ما زالت هذه الصفات موجودة حقا لدى أطباء لبنان ؟
يقولون : ( الموجوع بيتعلق بحبال الهوى ) ونحن نعرف حق المعرفة بأن تلك الحبال ما هي إلا انسانية الطبيب المعالج ومدى تأثيره على المريض، فمن أولى معطيات العلاج هي تلك الابتسامة التي تكون بمثابة ثمرة جميلة يغرسها الطبيب في قلب المريض ويجعله متفائلا نابضا بالأمل، وبعدها تأتي مرحلة العلاج من عقاقير وما يتبعها من فحوصات وعمليات وغيرها جميها تساعد على شفاء المريض .
في لبنان اليوم صرخة كبيرة ومدوية نسمعها في اليوم الواحد مئات المرات من المرضى جميعها نتاج ألم إضافي إلى آلامهم وأوجاعهم، الكل يشكو من معاملة الأطباء والمستشفيات لهم بحيث بات الطبيب لا يعنيه وجع المريض بقدر ما يعنيه ذلك الأجر الذي سيتقاضاه من هذا المريض وقد تزداد وتيرة الصراع حين يحتاج المريض إلى عملية جراحية هنا فقط تقع الواقعة على رأس المواطن ويصبح كناقة عشواء يتخبط تارة يمينا وتارة شمالا وخصوصا حين يكون المريض غير مؤمّن صحيا من قبل شركات تأمين أو ضمان اجتماعي اوغيرها، وأكثر الأمور بؤسا أن وزارة الصحة باتت غير آبهة بالمرضى وأقفلت بوجههم كل أبواب المساعدة .
كيفى سيمضي المواطن اللبناني في بلد تلاشت فيه حقوقه تحت الأقدام وبات كمتشرّد يبحث عن ركن آمن يحميه من عثرات الزمن ومن رياحه العاتية .
خاص ميدان برس علي الحاج